{ لّيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } اللام متعلقة ب { فتحنا } ، وهي لام العلة . قال ابن الأنباري : سألت أبا العباس : يعني المبرد عن اللام في قوله : { لّيَغْفِرَ لَكَ الله } فقال : هي لام كي معناها : إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ؛ لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام النعمة في الفتح ، فلما انضمّ إلى المغفرة شيء حادث واقع حسن معنى كي ، وغلط من قال ليس الفتح سبب المغفرة . وقال صاحب الكشاف : إن اللام لم تكن علة للمغفرة ؛ ولكن لاجتماع ما عدّد من الأمور الأربعة وهي : المغفرة ، وإتمام النعمة ، وهداية الصراط المستقيم ، والنصر العزيز . كأنه قيل : يسرنا لك فتح مكة ، ونصرناك على عدوّك ؛ لنجمع لك بين عزّ الدارين ، وأعراض العاجل والآجل . وهذا كلام غير جيد ، فإن اللام داخلة على المغفرة فهي علة للفتح ، فكيف يصح أن تكون معللة . وقال الرازي في توجيه التعليل : إن المراد بقوله : { لّيَغْفِرَ لَكَ الله } التعريف بالمغفرة ، تقديره : إنا فتحنا لك ؛ لتعرف أنك مغفور لك معصوم . وقال ابن عطية : المراد أن الله فتح لك ؛ لكي يجعل الفتح علامة لغفرانه لك ، فكأنها لام الصيرورة . وقال أبو حاتم : هي لام القسم وهو خطأ ، فإن لام القسم لا تكسر ، ولا ينصب بها .
واختلف في معنى قوله : { مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } فقيل : ما تقدّم من ذنبك قبل الرسالة ، وما تأخر بعدها ؛ قاله مجاهد وسفيان الثوري وابن جرير والواحدي وغيرهم . وقال عطاء : ما تقدّم من ذنبك ، يعني : ذنب أبويك آدم وحوّاء ، وما تأخر من ذنوب أمتك . وما أبعد هذا عن معنى القرآن . وقيل : ما تقدّم من ذنب أبيك إبراهيم ، وما تأخر من ذنوب النبيين من بعده ، وهذا كالذي قبله . وقيل : ما تقدّم من ذنب يوم بدر ، وما تأخر من ذنب يوم حنين ، وهذا كالقولين الأولين في البعد . وقيل : لو كان ذنب قديم ، أو حديث ؛ لغفرنا لك ، وقيل غير ذلك مما لا وجه له ، والأوّل أولى . ويكون المراد بالذنب بعد الرسالة ترك ما هو الأولى ، وسمي ذنباً في حقه لجلالة قدره ، وإن لم يكن ذنباً في حق غيره . { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } بإظهار دينك على الدين كله ، وقيل : بالجنة ، وقيل : بالنبوّة والحكمة ، وقيل : بفتح مكة والطائف وخيبر ، والأولى أن يكون المعنى : ليجتمع لك مع الفتح تمام النعمة بالمغفرة ، والهداية إلى صراط مستقيم ، وهو الإسلام . ومعنى { يهديك } : يثبتك على الهدى إلى أن يقبضك إليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.