تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لِّيَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَيَهۡدِيَكَ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (2)

الآية 2 وقوله تعالى : { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخّر } يخرّج على وجهين :

أحدهما : يرجع إلى ذنبه ؛ أخبر أنه غفر له ، ثم لا يجوز لنا أن نبحث عن ذنبه ، ونتكلّف البحث أنه ما كان ذنبُه ، وإيش كانت زلّتُه ، لأن البحث عن زلّته مما يوجب النقص فيه ؛ فمن يتكلّف البحث عن ذلك فيُخاف عليه الكفر . لكن ذنبه وذنب سائر الأنبياء عليهم السلام ليس نظير ذنبنا ؛ إذ ذنبهم بمنزلة فعل مباح منا لكنهم نُهوا عن ذلك ، والله أعلم .

وجائز أن يكون قوله تعالى : { ليغفر لك الله ما تقدم من ذبك وما تأخر } أن يغفر ذنبه ابتداء غفران ، أي عصمه عن ذلك ، وذلك جائز في اللغة ، والله أعلم .

والوجه الثاني : يرجع إلى ذنوب أمّته ، أي ليغفر لك الله ذنوب أمّتك ، وهو ما يشفع لأمّته ، فيغفر لأمّته{[19506]} بشفاعته ، وهو كما رُوي في الخبر ( يُغفر للمؤذن مدّ صوته ) [ أحمد : 2/136 ] أي يجعل له الشفاعة .

فعلى ذلك جائز أن يكون قوله تعالى : { ليغفر لك الله } أن يغفر لأمّته{[19507]} بشفاعته ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ويُتمّ نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما } يحتمل إتمام نعمته عليه هو ما ذكرنا من الرسالة والنُّبوّة وفتح ما ذكر من أبواب الخيرات والحكمة في الدنيا والآخرة ، أو الشفاعة له في الآخرة أو إظهار دينه [ على الأديان ]{[19508]} كلّها أو إياس أولئك الكفرة عن عوده إلى دينهم كقوله : { اليوم أكملت لكم دينكم } الآية [ المائدة : 3 ] والله أعلم .


[19506]:في الأصل وم: له أي.
[19507]:في الأصل وم: له أمته.
[19508]:من م، ساقطة من الأصل.