تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{لِّيَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَيَهۡدِيَكَ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (2)

1

التفسير :

2 ، 3- { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما * وينصرك الله نصرا عزيزا } .

كان محمد صلى الله عليه وسلم أطوع خلق الله لله ، بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، وجاهد في الله حق جهاده ، ونصر دين الله في السلم والحرب والمعاهدة ، فوعده الله بهذه المكافأة الجليلة المتمثلة فيما يأتي :

( أ ) أن يغفر الله له ذنوبه السابقة واللاحقة ، ليرفع درجته ويعلي كعبه ، ويطهر ساحته ، ويغفر له هفواته قبل النبوة وبعدها .

( ب ) إتمام النعمة بفتح الطريق أمام دين الإسلام ، وأمام أمة الإسلام ، لتأخذ طريقها إلى النصر والظفر ، واستيعاب أحكام الدين .

( ج ) هداية الرسول إلى الصراط المستقيم ، والدين القويم ، والحكمة التامة في تبليغ الدعوة ، وقيادة سفينة الإسلام بحكمة النبوة ، وهداية الله وتوفيقه .

( د ) النصر العزيز الذي يقدمه له الله : { وما النصر إلا من عند الله . . . } ( الأنفال : 10 ) .

وقد كان صلح الحديبية نصرا ، ثم تبعه فتح خيبر ، ثم تبعه فتح مكة ، وكان هناك نصر معنوي كبير في ضآلة شأن المنافقين ، وانزواء أمرهم ، وتحطيم قوة اليهود ، وتلاشي قوة قريش والكافرين ، وبحث جزيرة العرب عن الإسلام ، وتوافدها على الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة ، فكان هناك فتح في النفوس ، وهداية من الله للناس حتى دخلوا في دين الله أفواجا ، أي جماعات جماعات ، وكانوا قبل ذلك يدخلون أفرادا ، وظل شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ارتفاع ، وشأن أعدائه في انحدار ، حتى عم الإسلام بلاد العرب ، ونزل قوله تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا . . . } ( المائدة : 3 ) .

وقوله سبحانه : { إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } . ( النصر : 1-3 ) .