{ 1-6 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا * وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا *مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا * فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا }
الحمد لله هو الثناء عليه بصفاته ، التي هي كلها صفات كمال ، وبنعمه الظاهرة والباطنة ، الدينية والدنيوية ، وأجل نعمه على الإطلاق ، إنزاله الكتاب العظيم على عبده ورسوله ، محمد صلى الله عليه وسلم فحمد نفسه ، وفي ضمنه إرشاد العباد ليحمدوه على إرسال الرسول إليهم ، وإنزال الكتاب عليهم ، ثم وصف هذا الكتاب بوصفين مشتملين ، على أنه الكامل من جميع الوجوه ، وهما نفي العوج عنه ، وإثبات أنه قيم{[481]} مستقيم ، فنفي العوج يقتضي أنه ليس في أخباره كذب ، ولا في أوامره ونواهيه ظلم ولا عبث ، وإثبات الاستقامة ، يقتضي أنه لا يخبر ولا يأمر إلا بأجل الإخبارات وهي الأخبار ، التي تملأ القلوب معرفة وإيمانا وعقلا ، كالإخبار بأسماء الله وصفاته وأفعاله ، ومنها الغيوب المتقدمة والمتأخرة ، وأن أوامره ونواهيه ، تزكي النفوس ، وتطهرها وتنميها وتكملها ، لاشتمالها على كمال العدل والقسط ، والإخلاص ، والعبودية لله رب العالمين وحده لا شريك له . وحقيق بكتاب موصوف . بما ذكر ، أن يحمد الله نفسه على إنزاله ، وأن يتمدح إلى عباده به .
سورة الكهف وقيل إلا قوله { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم } الآية وهي مائة وإحدى عشرة آية .
{ الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب } يعني القرآن ، رتب استحقاق الحمد على إنزاله تنبيها على أنه أعظم نعمائه ، وذلك لأنه الهادي إلى ما فيه كمال العباد والداعي إلى ما به ينتظم صلاح المعاش والمعاد . { ولم يجعل له عوجا } شيئا من العوج باختلال في اللفظ وتناف في المعنى ، أو انحراف من الدعوة إلى جانب الحق وهو في المعاني كالعوج في الأعيان .
سورة الكهف . هذه السورة مكية في قول جميع المفسرين وروي عن فرقة أن أول السورة نزل بالمدينة إلى قوله ' جزرا ' والأول أصح وهي أفضل سور القرآن وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بسورة ( ملأ ){[1]} عظمها ما بين السماوات والأرض ولمن جاء بها من الأجر مثل ذلك ؟ قالوا : أي سورة هي يا رسول الله ؟ قال سورة الكهف من قرأ بها يوم الجمعة غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام . وفي رواية أنس :ومن قرأ بها أعطي نورا بين السماء والأرض ووقي بها فتنة القبر{[2]} .
كان حفص عن عاصم يسكت عند قوله { عوجا } سكتة خفيفة ، وعند { مرقدنا } [ ص : 52 ] في سورة يس{[7739]} ، وسبب هذه البدأة في هذه السورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سألته قريش عن المسائل الثلاث ، الروح ، والكهف ، وذي القرنين ، حسبما أمرتهم بهن يهود ، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم غداً أخبركم ، بجواب سؤالكم ، ولم يقل إن شاء الله ، فعاتبه الله عز وجل بأن استمسك الوحي عنه خمسة عشر يوماً ، فأرجف به كفار قريش ، وقالوا : إن محمداً قد تركه ربه الذي كان يأتيه من الجن ، وقال بعضهم : قد عجز عن أكاذيبه إلى غير ذلك ، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغ منه ، فلما انقضى الأمد الذي أراد الله عتاب محمد إليه ، جاءه الوحي من الله بجواب الأسئلة وغير ذلك ، فافتتح الوحي بحمد الله { الذي أنزل على عبده الكتاب } أي بزعمكم أنتم يا قريش ، وهذا كما تقول لرجل يحب مساءتك فلا يرى إلا نعمتك الحمد لله الذي أنعم علي وفعل بي كذا على جهة النقمة عليه ، و { الكتاب } هو القرآن ، وقوله { ولم يجعل له عوجاً } أي لم يزله عن طريق الاستقامة ، و «العوج » فقد الاستقامة ، وهو بكسر العين في الأمور والطرق وما لا يحس متنصباً شخصاً ، و «العوج » بفتح العين في الأشخاص كالعصا والحائط ونحوه ، وقال ابن عباس : معناه ولم يجعله مخلوقاً ، وقوله { ولم يجعل له عوجاً } يعم هذا وجميع ما ذكره الناس من أنه لا تناقض فيه ومن أنه لا خلل ولا اختلاف فيه . وقوله { قيماً } نصب على الحال من { الكتاب } ، فهو بمعنى التقديم ، مؤخر في اللفظ ، أي أنزل الكتاب قيماً ، واعترض بين الحال وذي الحال قوله : { ولم يجعل له عوجاً } وذكر الطبري هذا التأويل عن ابن عباس ، ويجوز أن يكون منصوباً{[7740]} بفعل مضمر تقديره أنزله أو جعله { قيماً } ، وفي بعض مصاحف الصحابة «ولم يجعل له عوجاً لكن جعله قيماً » قاله قتادة ، ومعنى «قيم » مستقيم ، هذا قول ابن عباس والضحاك ، وقيل معناه أنه قيم على سائر الكتب بتصديقها ، ذكره المهدوي ، وهذا محتمل وليس من الاستقامة ويصح أن يكون معنى «قيم » قيامه بأمر الله عز وجل على العالم ، وهذا المعنى يؤيده ما بعده من النذارة والبشارة اللذين عما العالم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.