{ 121 } { وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }
ويدخل تحت هذا المنهي عنه ، ما ذكر عليه اسم غير الله كالذي يذبح للأصنام ، وآلهتهم ، فإن هذا مما أهل لغير الله به ، المحرم بالنص عليه خصوصا .
ويدخل في ذلك ، متروك التسمية ، مما ذبح لله ، كالضحايا ، والهدايا ، أو للحم والأكل ، إذا كان الذابح متعمدا ترك التسمية ، عند كثير من العلماء .
ويخرج من هذا العموم ، الناسي بالنصوص الأخر ، الدالة على رفع الحرج عنه ، ويدخل في هذه الآية ، ما مات بغير ذكاة من الميتات ، فإنها مما لم يذكر اسم الله عليه .
ونص الله عليها بخصوصها ، في قوله : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ } ولعلها سبب نزول الآية ، لقوله { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ } بغير علم .
فإن المشركين -حين سمعوا تحريم الله ورسوله الميتةَ ، وتحليله للمذكاة ، وكانوا يستحلون أكل الميتة- قالوا -معاندة لله ورسوله ، ومجادلة بغير حجة ولا برهان- أتأكلون ما قتلتم ، ولا تأكلون ما قتل الله ؟ يعنون بذلك : الميتة .
وهذا رأي فاسد ، لا يستند على حجة ولا دليل بل يستند إلى آرائهم الفاسدة التي لو كان الحق تبعا لها لفسدت السماوات والأرض ، ومن فيهن .
فتبا لمن قدم هذه العقول على شرع الله وأحكامه ، الموافقة للمصالح العامة والمنافع الخاصة . ولا يستغرب هذا منهم ، فإن هذه الآراء وأشباهها ، صادرة عن وحي أوليائهم من الشياطين ، الذين يريدون أن يضلوا الخلق عن دينهم ، ويدعوهم ليكونوا من أصحاب السعير .
{ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ } في شركهم وتحليلهم الحرام ، وتحريمهم الحلال { إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } لأنكم اتخذتموهم أولياء من دون الله ، ووافقتموهم على ما به فارقوا المسلمين ، فلذلك كان طريقكم ، طريقهم .
ودلت هذه الآية الكريمة على أن ما يقع في القلوب من الإلهامات والكشوف ، التي يكثر وقوعها عند الصوفية ونحوهم ، لا تدل –بمجردها على أنها حق ، ولا تصدق حتى تعرض على كتاب الله وسنة رسوله .
فإن شهدا لها بالقبول قبلت ، وإن ناقضتهما ردت ، وإن لم يعلم شيء من ذلك ، توقف فيها ولم تصدق ولم تكذب ، لأن الوحي والإلهام ، يكون الرحمن ويكون من الشيطان ، فلا بد من التمييز بينهما والفرقان ، وبعدم التفريق بين الأمرين ، حصل من الغلط والضلال ، ما لا يحصيه إلا الله .
استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب إلى أنه لا تحل الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها ، ولو كان الذابح مسلما ، وقد اختلف الأئمة ، رحمهم الله ، في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :
فمنهم من قال : لا تحل هذه الذبيحة بهذه الصفة ، وسواء متروك التسمية عمدًا أو سهوًا . وهو مروي عن ابن عمر ، ونافع مولاه ، وعامر الشعبي ، ومحمد بن سيرين . وهو رواية عن الإمام مالك ، ورواية عن أحمد بن حنبل نصرها طائفة من أصحابه المتقدمين والمتأخرين ، وهو اختيار أبي ثور ، وداود الظاهري ، واختار ذلك أبو الفتوح محمد بن محمد بن علي الطائي{[11111]} من متأخري الشافعية في كتابه " الأربعين " ، واحتجوا لمذهبهم هذا بهذه الآية ، وبقوله في آية الصيد : { فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ } [ المائدة : 4 ] . ثم قد أكد في هذه الآية بقوله : { وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } والضمير قيل : عائد على الأكل ، وقيل : عائد على الذبح لغير الله - وبالأحاديث الواردة في الأمر بالتسمية عند الذبيحة والصيد ، كحديثي عدي بن حاتم وأبي ثعلبة : " إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل ما أمسك عليك " . وهما في الصحيحين ، وحديث رافع بن خُدَيْج . " ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه " . وهو في الصحيحين أيضًا ، وحديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للجن : " لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه " {[11112]} رواه مسلم . وحديث جُنْدَب بن سفيان البَجَلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى ، ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله " . أخرجاه{[11113]} وعن عائشة ، رضي الله عنها ، أن ناسا قالوا : يا رسول الله ، إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري : أذكر اسم الله عليه أم لا ؟ قال : " سموا عليه أنتم وكلوا " . قالت : وكانوا حديثي عهد بالكفر . رواه البخاري . ووجه الدلالة أنهم فهموا أن التسمية لا بد منها ، [ وأنهم ]{[11114]} خشوا ألا تكون وجدت من أولئك ، لحداثة إسلامهم ، فأمرهم بالاحتياط بالتسمية عند الأكل ، لتكون كالعوض عن المتروكة عند الذبح إن لم تكن وجدت ، وأمرهم بإجراء أحكام المسلمين على السداد ، والله [ تعالى ]{[11115]} أعلم .
والمذهب الثاني في المسألة : أنه لا يشترط التسمية ، بل هي مستحبة ، فإن تركت عمدًا أو نسيانًا لم تضر{[11116]} وهذا مذهب الإمام الشافعي ، رحمه الله ، وجميع أصحابه ، ورواية عن الإمام أحمد . نقلها عنه حنبل . وهو رواية عن الإمام مالك ، ونص على ذلك أشهب بن عبد العزيز من أصحابه ، وحكي عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، وعطاء بن أبي رباح ، والله أعلم .
وحمل الشافعي الآية الكريمة : { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } على ما ذبح لغير الله ، كقوله تعالى { أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ } [ الأنعام : 145 ] .
وقال ابن جُرَيْج ، عن عطاء : { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } قال : ينهى عن ذبائح كانت تذبحها قريش عن الأوثان ، وينهى عن ذبائح المجوس ، وهذا المسلك الذي طرقه الإمام الشافعي [ رحمه الله ]{[11117]} قوي ، وقد حاول بعض المتأخرين أن يقويه بأن جعل " الواو " في قوله : { وإِنَّهُ لَفِسْقٌ } حالية ، أي : لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه في حال كونه فسقًا ، ولا يكون فسقا حتى يكون قد أهل به لغير الله . ثم ادعى أن هذا متعين ، ولا يجوز أن تكون " الواو " عاطفة . لأنه يلزم منه عطف جملة اسمية خبرية على جمله فعلية طلبية . وهذا ينتقض عليه بقوله : { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ } فإنها عاطفة لا محاولة ، فإن كانت " الواو " التي{[11118]} ادعى أنها حالية صحيحة على ما قال ؛ امتنع عطف هذه عليها ، فإن عطفت{[11119]} على الطلبية ورد عليه ما أورد على غيره ، وإن لم تكن " الواو " حالية ، بطل ما قال من أصله ، والله أعلم .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن المغيرة ، أنبأنا جرير ، عن عطاء ، عن سعيد بن جُبَيْر ، عن ابن عباس قوله : { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } قال : هي الميتة .
ثم رواه ، عن أبي زُرْعَة ، عن يحيى بن أبي كثير{[11120]} عن ابن لَهِيعَة ، عن عطاء - وهو ابن السائب - به .
وقد استدل لهذا المذهب بما رواه أبو داود في المراسيل ، من حديث ثور بن يزيد ، عن الصلت السدوسي - مولى سُوَيْد بن مَنْجوف{[11121]} أحد التابعين الذين ذكرهم أبو حاتم بن حبان في كتاب الثقات - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ذَبِيحَة المسلم حلال ذُكِر اسمُ اللهِ أو لم يُذْكَرْ ، إنه إن ذكر لم يذكر إلا اسم الله " {[11122]}
وهذا مرسل يعضد بما رواه الدارقطني عن ابن عباس أنه قال : إذا ذبح المسلم - ولم يذكر اسم الله فليأكل ، فإن المسلم فيه اسم من أسماء الله " {[11123]}
واحتج البيهقي أيضًا بحديث عائشة ، رضي الله عنها ، المتقدم أن ناسا قالوا : يا رسول الله ، إن قوما حديثي عهد بجاهلية يأتونا بلحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا ؟ فقال : " سَمّوا أنتم وكُلُوا " . قال : فلو كان وجود التسمية شرطا لم يرخص لهم إلا مع تحققها ، والله أعلم .
المذهب الثالث في المسألة : [ أنه ]{[11124]} إن ترك البسملة على الذبيحة نسيانا لم يضر وإن تركها عمدًا لم تحل .
هذا هو المشهور من مذهب الإمام مالك ، وأحمد بن حنبل ، وبه يقول أبو حنيفة وأصحابه ، وإسحاق بن راهويه : وهو محكي عن علي ، وابن عباس ، وسعيد بن المُسَيَّب ، وعَطَاء ، وطاوس ، والحسن البصري ، وأبي مالك ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وجعفر بن محمد ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن .
ونقل الإمام أبو الحسن المرغيناني في كتابه " الهداية " الإجماع - قبل الشافعي على تحريم متروك التسمية عمدا ، فلهذا قال أبو يوسف والمشايخ : لو حكم حاكم بجواز بيعه لم ينفذ لمخالفة الإجماع .
وهذا الذي قاله غريب جدًا ، وقد تقدم نقل الخلاف عمن قبل الشافعي ، والله أعلم .
وقال الإمام أبو جعفر بن جرير : من حرم ذبيحة الناسي ، فقد خرج من قول جميع الحجة ، وخالف الخبر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك{[11125]}
يعني ما رواه الحافظ أبو بكر البيهقي : أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا أبو أمية الطرسوسي ، حدثنا محمد بن يزيد ، حدثنا معقل بن عبيد الله ، عن عمرو بن دينار ، عن عِكْرِمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المسلم يكفيه اسمه ، إن نسي أن يسمي حين يذبح ، فليذكر اسم الله وليأكله " {[11126]}
وهذا الحديث رفعه خطأ ، أخطأ فيه معقل بن عبيد الله الجزيري{[11127]} فإنه{[11128]} وإن كان من رجال مسلم إلا أن سعيد بن منصور ، وعبد الله بن الزبير الحميدي روياه عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن أبي الشعثاء ، عن عِكْرِمة ، عن ابن عباس ، من قوله . فزادا في إسناده " أبا الشعثاء " ، ووقفا{[11129]} والله [ تعالى ]{[11130]} أعلم . وهذا أصح ، نص عليه البيهقي [ وغيره من الحفاظ ]{[11131]}
وقد نقل ابن جرير وغيره . عن الشعبي ، ومحمد بن سيرين ، أنهما كرها متروك التسمية نسيانا ، والسلف يطلقون الكراهية على التحريم كثيرا ، والله أعلم . إلا أن من قاعدة ابن جرير أنه لا يعتبر قول الواحد ولا الاثنين مخالفا لقول الجمهور ، فيعده إجماعا ، فليعلم هذا ، والله الموفق .
قال ابن جرير : حدثنا ابن وَكِيع ، حدثنا أبو أسامة ، عن جَهِير بن يزيد قال : سئل الحسن ، سأله رجل أتيت بطير كَرًى{[11132]} فمنه ما قد ذبح فذكر اسم الله عليه ، ومنه ما نسي أن يذكر اسم الله عليه ، واختلط الطير ، فقال الحسن : كله ، كله . قال : وسألت محمد بن سيرين فقال : قال الله [ تعالى ]{[11133]} { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ }
واحتج لهذا المذهب بالحديث المروي من طرق عند ابن ماجه ، عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، وأبي ذر{[11134]} وعقبة بن عامر ، وعبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه " {[11135]} وفيه نظر ، والله أعلم .
وقد روى الحافظ أبو أحمد بن عدي ، من حديث مروان بن سالم القرقساني ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أرأيت الرجل منا يذبح وينسى أن يسمي ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اسم الله على كل مسلم " {[11136]}
ولكن هذا إسناده{[11137]} ضعيف ، فإن مروان بن سالم القرقساني أبا عبد الله الشامي ، ضعيف ، تكلم فيه غير واحد من الأئمة ، والله أعلم .
وقد أفردت هذه المسألة على حدة ، وذكرت مذاهب{[11138]} الأئمة ومآخذهم وأدلتهم ، ووجه الدلالات والمناقضات والمعارضات{[11139]} ، والله أعلم .
قال ابن جرير : وقد اختلف أهل العلم في هذه الآية : هل نسخ من حكمها شيء أم لا ؟ فقال بعضهم : لم ينسخ منها شيء وهي محكمة فيما عُنيت به . وعلى هذا قول عامة أهل العلم .
وروي عن الحسن البصري وعكرمة . ما حدثنا به ابن حُميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، عن الحسين بن واقد ، عن عكرمة والحسن البصري قالا قال الله : { فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ } وقال { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } فنسخ واستثنى من ذلك فقال : { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ } [ المائدة : 5 ] .
وقال ابن أبي حاتم : قرئ علي العباس بن الوليد بن مزيد{[11140]} ، حدثنا محمد بن شعيب ، أخبرني النعمان - يعني ابن المنذر - عن مكحول قال : أنزل الله في القرآن : { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } ثم نسخها الرب ورحم المسلمين فقال : { الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } فنسخها بذلك وأحل طعام أهل الكتاب .
ثم قال ابن جرير : والصواب أنه لا تعارض بين حل طعام أهل الكتاب ، وبين تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه .
وهذا الذي قاله صحيح ، ومن أطلق من السلف النسخ هاهنا فإنما أراد التخصيص ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
وقوله تعالى : { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ } قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق قال : قال رجل لابن عمر : إن المختار يزعم أنه يوحى إليه ؟ قال : صدق ، وتلا هذه الآية : { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ }
وحدثنا أبي ، حدثنا أبو حذيفة ، حدثنا عكرمة بن عمار ، عن أبي زُمَيْل قال : كنت قاعدًا عند ابن عباس ، وحج المختار ابن أبي عبيد ، فجاءه{[11141]} رجل فقال : يا ابن عباس ، وزعم أبو إسحاق أنه أوحي{[11142]} إليه الليلة ؟ فقال ابن عباس : صدق ، فنفرت وقلت : يقول ابن عباس صدق . فقال ابن عباس : هما وحيان ، وحي الله ، ووحي الشيطان ، فوحي الله [ عَزَّ وجل ]{[11143]} إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، ووحي الشيطان إلى أوليائه ، ثم قرأ : { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ{[11144]} لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ }
وقد تقدم عن عكرمة في قوله : { يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا } نحو هذا .
وقوله [ تعالى ]{[11145]} : { لِيُجَادِلُوكُمْ } قال ابن أبي حاتم : : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عمران بن عيينة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جُبَيْر قال : خاصمت اليهود النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : نأكل مما قتلنا ، ولا نأكل مما قتل الله ؟ فأنزل الله : { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ }
هكذا رواه مرسلا ورواه أبو داود متصلا فقال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا عمران بن عيينة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جُبَيْر ، عن ابن عباس قال : جاءت اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : نأكل مما قتلنا ولا نأكل مما قتل الله ؟ فأنزل الله : { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ] }{[11146]} .
وكذا رواه ابن جَرير ، عن محمد بن عبد الأعلى وسفيان{[11147]} بن وَكِيع ، كلاهما عن عمران بن عيينة ، به .
ورواه البزار ، عن محمد بن موسى الحَرَشي ، عن عمران بن عيينة ، به . {[11148]} وهذا فيه نظر من وجوه ثلاثة : أحدها :
أن اليهود لا يرون إباحة الميتة حتى يجادلوا .
الثاني : أن الآية من الأنعام ، وهي مكية .
الثالث : أن هذا الحديث رواه الترمذي ، عن محمد بن موسى الحَرَشِي ، عن زياد بن عبد الله البكائي ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جُبَيْر ، عن ابن عباس . ورواه الترمذي بلفظ{[11149]} : أتى ناس النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وقال : حسن غريب ، رُوي عن سعيد بن جبير مرسلا{[11150]} .
وقال الطبراني : حدثنا علي بن المبارك ، حدثنا زيد بن المبارك ، حدثنا موسى بن عبد العزيز ، حدثنا الحكم بن أبان ، عن عِكْرِمة ، عن ابن عباس قال : لما نزلت { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } أرسلت فارس إلى قريش : أن خاصموا محمدًا وقولوا له : كَمَا تذبح أنت بيدك بسكين فهو حلال ، وما ذبح الله ، عَزَّ وجل ، بشمشير من ذهب - يعني الميتة - فهو حرام . فنزلت هذه الآية : { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ } قال : الشياطين من فارس ، وأوليائهم [ من ]{[11151]} قريش{[11152]} .
وقال أبو داود : حدثنا محمد بن كثير ، أخبرنا إسرائيل ، حدثنا سِماك ، عن عِكْرِمة ، عن ابن عباس في قوله : { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ } يقولون : ما ذبح الله فلا تأكلوه . وما ذبحتم أنتم فكلوه ، فأنزل الله : { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ }
ورواه ابن ماجه وابن أبي حاتم ، عن عمرو بن عبد الله ، عن وكيع ، عن إسرائيل ، به{[11153]} . وهذا إسناد صحيح .
ورواه ابن جرير من طرق متعددة ، عن ابن عباس ، وليس فيه ذكر اليهود ، فهذا هو المحفوظ{[11154]} ، والله أعلم .
وقال ابن جُرَيْج : قال عمرو بن دينار ، عن عكرمة : إن مشركي قريش كاتبوا فارس على الروم ، وكاتبتهم فارس ، وكتب فارس إلى مشركي قريش : أن محمدًا وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله ، فما ذبح الله بسكين من ذهب فلا يأكله محمد وأصحابه - للميتة وما{[11155]} ذبحوه هم يأكلون . فكتب بذلك المشركون إلى أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوقع في أنفس ناس من المسلمين من ذلك شيء ، فأنزل الله{[11156]} : { وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ [ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ] }{[11157]} ونزلت : { يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا }
وقال السُّدِّي في تفسير هذه الآية : إن المشركين قالوا للمؤمنين : كيف تزعمون أنكم تتبعون مرضاة الله ، وما ذبح الله فلا تأكلونه ، وما ذبحتم أنتم أكلتموه ؟ فقال الله : { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ } فأكلتم الميتة { إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }
وهكذا قاله مجاهد ، والضحاك ، وغير واحد من علماء السلف ، رحمهم الله .
وقوله تعالى : { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } أي : حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره ، فقدمتم عليه غيره فهذا هو الشرك ، كما قال تعالى : { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ [ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ] }{[11158]} [ التوبة : 31 ] .
وقد روى الترمذي في تفسيرها ، عن عدي بن حاتم أنه قال : يا رسول الله ، ما عبدوهم ، فقال : " بل إنهم أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال ، فاتبعوهم ، فذلك عبادتهم إياهم " {[11159]} .
جملة : { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } معطوفة على جملة : { فكلوا ممّا ذكر اسم الله عليه } [ الأنعام : 118 ] .
و ( ما ) في قوله : { مما لم يذكر اسم الله عليه } موصولة ، وما صْدق الموصول هنا : ذَكِيَ ، بقرينة السّابق الّذي ما صْدقه ذلك بقرينة المقام . ولمّا كانت الآية السّابقة قد أفادت إباحة أكل ما ذكر اسمُ الله عليه ، وأفهمت النّهيَ عمَّا لم يذكر اسم الله عليه ، وهو الميتة ، وتَمّ الحكم في شأن أكل الميتة والتفرقةُ بينها وبين ما ذُكّي وذُكر اسم الله عليه ، ففي هذه الآية أفيد النّهي والتّحذير من أكل ما ذُكر اسم غيرِ الله عليه . فمعنى : { لم يذكر اسم الله عليه } : أنَّه تُرِك ذكر اسم الله عليه قصداً وتجنّبا لذكره عليه ، ولا يكون ذلك إلاّ لقصد أن لا يكون الذّبح لله ، وهو يساوي كونه لغير الله ، إذ لا واسطة عندهم في الذكاة بين أن يذكروا اسم الله أو يذكروا اسم غير الله ، كما تقدّم بيانه عند قوله : { فكلوا ممّا ذكر اسم الله عليه } [ الأنعام : 118 ] . وممّا يرشّح أنّ هذا هو المقصود قولُه هنا : { وإنه لفسق } وقوله في الآية الآتية : { أو فِسْقا أهِلّ لغير الله به } [ الأنعام : 145 ] ، فعلم أنّ الموصوف بالفسق هنا : هو الّذي وصف به هنالك ، وقيد هنالك بأنَّه أُهلّ لغير الله به ، وبقرينة تعقيبه بقوله : { وإن أطعتموهم إنكم لمشركون } لأنّ الشّرك إنَّما يكون بذكر أسماء الأصنام على المذكَّى ، ولا يكون بترك التّسمية .
وربّما كان المشركون في تَحيّلهم على المسلمين في أمر الذكاة يقتنعون بأن يسألوهم ترك التّسمية ، بحيث لا يُسمّون الله ولا يسمّون للأصنام ، فيكون المقصود من الآية : تحذير المسلمين من هذا التّرك المقصود به التمويه ، وأن يسمّى على الذّبائح غيرُ أسماء آلهتهم .
فإن اعتددنا بالمقصد والسّياق ، كان اسم الموصول مراداً به شيء معيّن ، لم يذكر اسم الله عليه ، فكان حكمها قاصراً على ذلك المعيّن ، ولا تتعلّق بها مسألةُ وجوب التّسمية في الذكاة ، ولا كونها شرطاً أو غير شرط بله حكم نسيانها . وإن جعلنا هذا المقصد بمنزلة سبب للنّزول ، واعتددنا بالموصول صادقاً على كلّ ما لم يذكر اسم الله عليه ، كانت الآية من العامّ الوارد على سبب خاصّ ، فلا يخصّ بصورة السّبب ، وإلى هذا الاعتبار مال جمهور الفقهاء المختلفين في حكم التّسمية على الذّبيحة .
وهي مسألة مختلف فيها بين الفقهاء على أقوال : أحدها : أنّ المسلم إن نسي التّسمية على الذبح تؤكل ذبيحته ، وإن تعمَّد ترك التّسمية استخفافاً أو تجنّبا لها لم تؤكل ( وهذا مثل ما يفعله بعض الزّنوج من المسلمين في تونس وبعض بلاد الإسلام الّذين يزعمون أنّ الجنّ تمتلكهم ، فيتفادَون من أضرارها بقرابين يذبحونها للجنّ ولا يسمّون اسم الله عليها ، لأنَّهم يزعمون أنّ الجنّ تنفر من اسم الله تعالى خِيفة منه ، ( وهذا متفشّ بينهم في تونس ومصر ) فهذه ذبيحة لا تؤكل .
ومستند هؤلاء ظاهر الآية مع تخصيصها أو تقييدها بغير النّسيان ، إعمالاً لقاعدة رفع حكم النّسيان عن النّاس . وإنْ تعمّد ترك التّسمية لا لقصد استخفاف أو تجنّب ولكنّه تثاقل عنها ، فقال مالك ، في المشهور ، وأبو حنيفة ، وجماعة ، وهو رواية عن أحمد : لا تؤكل . ولا شكّ أنّ الجهل كالنّسيان ، ولعلّهم استدلّوا بالأخذ بالأحوط في احتمال الآية اقتصارا على ظاهر اللّفظ دون معونة السِياق .
الثّاني : قال الشّافعي ، وجماعة ، ومالك ، في رواية عنه : تؤكل ، وعندي أنّ دليل هذا القول أنّ التّسمية تكملة للقربة ، والذكاة بعضها قربة وبعضها ليست بقربة ، ولا يبلغ حكم التّسمية أن يكون مفسداً للإباحة . وفي « الكشاف » أنَّهم تأوّلوا ما لم يذكر اسم الله عليه بأنَّه الميتة خاصّة ، وبما ذُكر غيرُ اسم الله عليه . وفي « أحكام القرآن » لابن العربي ، عن إمام الحرمين : ذِكر الله إنَّما شرع في القُرَب ، والذبحُ ليس بقربة . وظاهر أنّ العامد آثم وأنّ المستخفّ أشدّ إثماً . وأمّا تعمّد ترك التّسمية لأجل إرضاءِ غير الله فحكمه حكم من سمَّى لِغير الله تعالى . وقيل : إنْ ترَك التّسميةَ عمداً يُكره أكلها ، قاله أبو الحسن بن القصّار ، وأبو بكر الأبهري من المالكيّة . ولا يعدّ هذا خلافاً ، ولكنّه بيان لقول مالك في إحدى الرّوايتين . وقال أشهب ، والطبرِي : تؤكل ذبيحة تارك التّسمية عمداً ، إذا لم يتركها مستخِفاً . وقال عبد الله بن عمر ، وابن سيرين ، ونافِع ، وأحمد بن حنبل ، وداودُ : لا تؤكل إذا لم يسمّ عليها عَمْداً أو نسياناً ، أخذاً بظاهر الآية ، دون تأمّل في المقصد والسّياق .
وأرجح الأقوال : هو قول الشّافعي . والرّوايةُ الأخرى عن مالك ، إنْ تعمّد ترك التّسميه تؤكل ، وأنّ الآية لم يُقْصد منها إلاّ تحريم ما أهل به لغير الله بالقرائن الكثيرة التي ذكرناها آنفاً ، وقد يكون تارك التّسمية عمداً آثماً ، إلاّ أنّ إثمه لا يُبطل ذكاته ، كالصّلاة في الأرض المغصوبة عند غير أحمد .
وجملة : { وإنه لفسق } معطوفة على جملة { ولا تأكلوا } عطف الخبر على الإنشاء ، على رأي المحقّقين في جوازه ، وهو الحقّ ، لا سيما إذا كان العطف بالواو ، وقد أجاز عطف الخبر على الإنشاء بالواو بعض من منعه بغير الواو ، وهو قول أبي عليّ الفارسي ، واحتجّ بهذه الآية كما في « مغنى اللّبيب » . وقد جعلها الرّازي وجماعة : حالاً { مما لم يذكر اسم الله عليه } بناء على منع عطف الخبر على الإنشاء .
والضّمير في قوله : { وإنه لفسق } يعود على { مما لم يذكر اسم الله عليه } والإخبار عنه بالمصدر وهو { فسق } مبالغة في وصف الفعل ، وهو ذكرُ اسم غير الله ، بالفسق حتّى تجاوز الفسق صفة الفعل أن صار صفة المفعول فهو من المصدر المراد به اسم المفعول : كالخَلق بمعنى المخلوق ، وهذا نظير جعله فسقاً في قوله بعدُ : { أو فسقاً أهِلّ لغير الله به } [ الأنعام : 145 ] . والتّأكيد بإنّ : لزيادة التّقرير ، وجعل في « الكشاف » الضّمير عائداً إلى الأكل المأخوذ من { ولا تأكلوا } ، أي وإنّ أكْلَه لفسق .
وقوله : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجدلوكم } عطف على : { وإنه لفسق } ، أي : واحذروا جَدَل أولياء الشّياطين في ذلك ، والمراد بأولياء الشّياطين : المشركون ، وهم المشار إليهم بقوله ، فيما مرّ : { يُوحي بعضهم إلى بعض } [ الأنعام : 112 ] وقد تقدّم بيانه .
والمجادلة المنازعة بالقول للإقناع بالرأي ، وتقدّم بيانها عند قوله تعالى : { ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم } في سورة النساء ( 107 ) ، والمراد هنا المجادلة في إبطال أحكام الإسلام وتحبيب الكفر وشعائره ، مثل قولهم : كيف نأكل ما نقتل بأيدينا ولا نأكل ما قتله الله .
وقوله : { وإن أطعتموهم إنكم لمشركون } حُذف متعلّق { أطعتموهم } لدلالة المقام عليه ، أي : إن أطعتموهم فيما يجادلونكم فيه ، وهو الطّعن في الإسلام ، والشكّ في صحّة أحكامه . وجملة : { إنكم لمشركون } جواب الشّرط . وتأكيد الخبر بإنّ لتحقيق التحاقهم بالمشركين إذا أطاعوا الشّياطين ، وإن لم يَدْعوا لله شركاء ، لأنّ تخطئة أحكام الإسلام تساوي الشرك ، فلذلك احتيج إلى التّأكيد ، أو أراد : إنَّكم لصائرون إلى الشّرك ، فإنّ الشّياطين تستدرجكم بالمجادلة حتّى يبلغوا بكم إلى الشرك ، فيكون اسم الفاعل مراداً به الاستقبال . وليس المعنى : إن أطعتموهم في الإشراك بالله فأشركتم بالله إنَّكم لمشركون ، لأنَّه لو كان كذلك لم يكن لتأكيد الخبر سبب ، بل ولا للإخبار بأنّهم مشركون فائدة .
وجملة : { إنكم لمشركون } جواب الشرط ، ولم يَقترن بالفاء لأنّ الشّرط إذا كان مضافاً يحسن في جوابه التّجريد عن الفاء ، قاله أبو البقاء العُكبري ، وتبعه البيضاوي ، لأنّ تأثير الشّرط الماضي في جزائه ضعيف ، فكما جاز رفع الجزاء وهو مضارع ، إذا كان شرطه ماضياً ، كذلك جاز كونه جملة اسميّة غير مقترنة بالفاء . على أنّ كثيراً من محقّقي النّحويين يجيز حذف فاء الجواب في غير الضّرورة ، فقد أجازه المبرّد وابن مالك في شرحه على « مشكل الجامع الصّحيح » . وجعل منه قوله صلى الله عليه وسلم " إنك إنْ تَدَعْ ورثتَك أغنياء خيرُ من أن تدعهم عالة " على رواية إنْ بكسر الهمزة دون رواية فتح الهمزة .