{ ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } نهى الله سبحانه عن أكل ما لم يذكر اسمه الشريف عليه بعد أن أمر بالأكل مما ذكر اسم الله عليه ، وفيه دليل على تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه ، وقد اختلف أهل العلم في ذك فذهب ابن عمر ونافع مولاه والشعبي وابن سيرين وهو رواية عن مالك وأحمد ابن حنبل وبه قال أبو ثور وداود الظاهري أن ما لم يذكر اسم الله عليه من الذبائح حرام من غير فرق بين العامد والناسي لهذه الآية ، ولقوله تعالى في الآية الصيد : { فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه } ويزيد هذا الاستدلال تأكيدا قوله سبحانه في هذه الآية { وإنه لفسق } .
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة الأمر بالتسمية في الصيد وغيره ، وذهب الشافعي وأصحابه وهو رواية عن مالك وعن أحمد أن التسمية مستحبة لا واجبة وهو مروي عن ابن عباس وأبي هريرة وعطاء بن أبي رياح ، وحمل الشافعي الآية على من ذبح لغير الله ، وهو تخصيص للآية بغير مخصص ، وقد روى أبو داود في المراسيل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ذبيحة المسلم حلال ذكر الله أو لم يذكر ) {[715]} وليس في هذا المرسل ما يصلح لتخصيص الآية .
نعم حديث عائشة أنها قالت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن قوما يأتوننا بلحمان لا ندري ذكر اسم الله عليه أم لا فقال : ( سموا أنتم وكلوا ) {[716]} ، يفيد أن التسمية عند الأكل يجزى مع التباس وقوعها عند الذبح ، وذهب مالك وأحمد في المشهور عنهما وأبو حنيفة وأصحابه وإسحق بن راهويه أن التسمية إن تركت نسيانا لم يضر ، وإن تركت عندا لم يحل أكل الذبيحة ، وهو روي عن علي وابن عباس وسعيد بن المسيب وعطاء وطاووس والحسن البصري وأبي مالك وعبد الرحمن بن أبي ليلى وجعفر بن محمد وربيعة .
واستدلوا بما أخرجه البيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( المسلم إن نسي أن يسمي حين يذبح فليذكر اسم الله وليأكله ) {[717]} ، وهذا الحديث رفعه خطأ ، وإنما هو من قول ابن عباس .
نعم يمكن الاستدلال لهذا المذهب بمثل قوله تعالى : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } كما سبق تقريره بقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ) .
أما حديث أبي هريرة الذي أخرج ابن عدي أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت الرجل هنا يذبح وينسى أن يسمي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اسم الله على كل مسلم ) {[718]} ، فهو حديث ضعيف قد ضعفه البيهقي وغيره .
وقال ابن عباس الآية في تحريم الميتات وما في معناها من المنخنقة وغيرها ، وقال عطاء إنها في تحريم الذبائح كانوا يذبحونها على اسم الأصنام .
{ و } الضمير في { إنه لفسق } يرجع إلى ( ما ) بتقدير مضاف ويجوز أن يرجع إلى مصدر تأكلوا ، وقد تقدم تحقيق الفسق ، والواو للاستئناف أو الحال ، وقد استدل من حمل هذه الآية على ما ذبح لغير الله بقوله : { وإنه لفسق } ووجه الاستدلال أن الترك لا يكون فسقا بل الفسق الذبح لغير الله ، ويجاب عنه بأن إطلاق اسم الفسق على تارك ما فرضه الله عليه غير ممتنع شرعا .
{ وإن الشياطين } أي إبليس وجنوده { ليوحون إلى أوليائهم } أي يوسوسون لهم بالوساوس المخالفة للحق المباينة للصواب { ليجادلوكم } أي قاصدين بذلك أن يجادلكم هؤلاء الأولياء بما يوسوسون لهم { وإن أطعتموهم } فيما يأمرونكم به وينهونكم عنه { إنكم لمشركون } مثلهم ، قال الزجاج : فيه دليل على أن كل من أحل شيئا مما حرم الله أو حرم شيئا مما أحل الله فهو مشرك وإنما سمي مشركا لأنه أثبت حاكما غير الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.