إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَإِنَّهُۥ لَفِسۡقٞۗ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِهِمۡ لِيُجَٰدِلُوكُمۡۖ وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ} (121)

{ وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ } ظاهرٌ في تحريم متروكِ التسميةِ عمْداً كان أو نسياناً ، وإليه ذهب داودُ ، وعن أحمدَ بنِ حنبل مثلُه ، وقال مالك والشافعي بخلافه لقوله عليه السلام : «ذبيحةُ المسلم حلالٌ وإن لم يذكر اسمَ الله عليها » وفرق أبو حنيفة بين العمْد والنسيانِ وأوّله بالميتة أو بما ذكر عليه اسمُ غيرِه تعالى لقوله : { وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } فإن الفسقَ ما أُهل به لغير الله والضميرُ لما ، ويجوز أن يكون للأكل المدلولِ عليه بلا تأكلوا ، والجملةُ مستأنفةٌ وقيل : حالية { وَإِنَّ الشياطين لَيُوحُونَ إلى أَوْلِيَائِهِمْ } المرادُ بالشياطين إبليسُ وجنودُه فإيحاؤهم وسوستُهم إلى المشركين ، وقيل : مرَدةُ المجوسِ فإيحاؤهم إلى أوليائهم ما أَنْهَوا إلى قريشٍ بالكتاب أن محمداً وأصحابَه يزعُمون أنهم يتبعون أمرَ الله ثم يزعُمون أن ما يقتلونه حلالٌ وما يقتله الله حرام { ليجادلوكم } أي بالوساوس الشيطانيةِ أو بما نقل من أباطيلِ المجوسِ وهو يؤيد التأويلَ بالميتة { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ } في استحلالِ الحرامِ وساعدتموهم على أباطيلهم { إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } ضرورةَ أن من ترك طاعةَ الله إلى طاعة غيرِه واتبعه في دينه فقد أشركه به تعالى ، بل آثرَه عليه سبحانه .