النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَإِنَّهُۥ لَفِسۡقٞۗ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِهِمۡ لِيُجَٰدِلُوكُمۡۖ وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ} (121)

قوله عز وجل : { وَلاَ تَاكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } فيه أربعة{[949]} تأويلات :

أحدها : المراد بها ذبائح كانت العرب تذبحها لأوثانها ، قاله عطاء .

والثاني : أنها الميتة ، قاله ابن عباس .

والثالث : أنه صيد المشركين الذين لا يذكرون اسم الله[ عليه ] ، ولا هم من أهل التسمية ، يَحْرُمُ على المسلمين أن يأكلوه حتى يكونوا هم الذين صادوه ، حكاه ابن بحر{[950]} .

والرابع : أنه ما لم يُسَمّ اللَّهُ عند ذبحه .

وفي تحريم أكله ثلاثة أقاويل :

أحدها : لا يحرم [ سواء ] تركها عامداً أو ناسياً ، قاله الحسن ، والشافعي{[951]} .

والثاني : يحرم إن تركها عامداً ، ولا يحرم إن تركها ناسياً ، قاله أبو حنيفة{[952]} .

والثالث : يحرم سواء تركها عامداً أو ناسياً ، قاله ابن سيرين ، وداود .

{ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } فيه تأويلان :

أحدهما : أن المراد به المعصية ، قاله ابن عباس .

والثاني : المراد به الإِثم{[953]} .

{ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوْحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ } يعني المجادلة في الذبيحة ، وفيها ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه عنى بالشياطين قوماً من أهل فارس كتبوا إلى أوليائهم من قريش{[954]} أن محمداً وأصحابه يزعمون أنهم{[955]} يتبعون أمر الله ، ولا يأكلون ما ذبح الله{[956]} يعني الميتة ، ويأكلون ما ذبحوه لأنفسهم ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية ، قاله عكرمة .

والثاني : أن الشياطين قالوا ذلك لأوليائهم من قريش ، قاله ابن عباس .

والثالث : أن قوماً من اليهود قالوا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا مروي عن ابن عباس . وفي وحيهم إليهم وجهان :

أحدهما : أنها إشارتهم .

والثاني : رسالتهم{[957]} .

{ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } يعني في أكل الميتة ، إنكم لمشركون إن استحللتموها .


[949]:- في ق: ثلاثة تأويلات.
[950]:- سقط من ق.
[951]:- وهو مروي عن ابن عباس وأبي هريرة وسعيد بن المسيب وطاوس والنخعي وقتادة وعبد الرحمن بن أبي ليلى.
[952]:- وإليه ذهب مالك وابن القاسم وأصحاب أبي حنيفة والثوري وسعيد بن جبير وعطاء.
[953]:- في: الكفر.
[954]:- في ق: قيس.
[955]:- في ك: أنه.
[956]:-لفظ الجلالة سقط من ك.
[957]:- سقط من ق.