الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَإِنَّهُۥ لَفِسۡقٞۗ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِهِمۡ لِيُجَٰدِلُوكُمۡۖ وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ} (121)

قوله : { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } الآية [ 122 ] .

المعنى{[21638]} : ولا تأكلوا – أيها المؤمنون – مما مات ومما ذبح لغير الله ، أو ذبحه ( غير ){[21639]} مسلم ، أو مما تُعُمِّدَ{[21640]} ترك ( ذكر ){[21641]} اسم الله عليه ، فإن أكله فسق{[21642]} .

قال ابن عباس : هذا جواب للمشركين حين قالوا للنبي : لا تأكل ما قتل ربك{[21643]} وتأكل ما قتلت{[21644]} . فالمعنى على هذا : إنما هو ( النهي ){[21645]} عن أكل الميتة{[21646]} .

ومذهب مالك وأكثر الفقهاء أن المسلم إذا نسي التسمية وذبح ، أنه تؤكل ذبيحته{[21647]} .

ومعنى التسمية – عند أكثر المفسرين – في هذه الآية : الملة ، لأن المجوس لو سموا ذبائحهم لم تؤكل{[21648]} .

وتؤكل{[21649]} ذبائح{[21650]} اليهود والنصارى{[21651]} ، لأنهم آمنوا بالتوراة والانجيل{[21652]} ، ( وكره ){[21653]} مالك ما ذبحوا لكنائسهم ولم يحرمه{[21654]} .

وقوله : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم } يعني{[21655]} بذلك شياطين فارس ، وهم مردتهم من المجوس يوحون إلى أوليائهم من مردة قريش زخرف القول ليجادلوا به المؤمنين .

قال عكرمة : كاتب{[21656]} مشركو قريش فارس{[21657]} على الروم ، وكتبت فارس إلى مشركي قريش : ( إن محمدا وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله ، ( فما ذبحه ){[21658]} ( الله ){[21659]} بسكين{[21660]} من ذهب فلا يأكله محمد وأصحابه ، وما ذبحوا هم يأكلون ) ، فكتب به المشركون إلى أصحاب محمد ، فرقع في أنفس ناس من المسلمين من ذلك شيء ، فنزلت : { ( وإنه لفسق ){[21661]} وإن الشياطين } الآية{[21662]} .

وقال ابن عباس : إبليس هو الذي يوحي إلى مشركي قريش ، ( يقول ){[21663]} : كيف تعبدون شيئا لا تأكلون ما قتل{[21664]} .

قوله : { وإن أطعتموهم } أي : في أكل الميتة ، { إنكم لمشركون } أي : إنكم مثلهم ، وهذا يدل على من حلل ما حرم الله أنه مشرك{[21665]} . قال الحسن وعكرمة : حُرم أكل{[21666]} ما لم يذكر اسم الله عليه في هذه الآية ، واستثنى من ذلك فقال : { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم }{[21667]} .

وقوله : { وإنه لفسق } أي : لمعصية{[21668]} . وقيل : لكفر{[21669]} .

والهاء تعود على أكل الميتة ، أو على أكل ما ذبح للأصنام{[21670]} وشبهه{[21671]} .


[21638]:في هامش (د) تعليق – بعد حرف الباء – نصه: (انظر: هنا نهى عن أكل ذبائح أهل الكتاب، دخلها في المحرمات).
[21639]:ساقطة من ب.
[21640]:ب: تاتعمد.
[21641]:ساقطة من ب.
[21642]:انظر: تفسير الطبري 12/76.
[21643]:د: ربكم.
[21644]:روايات متنوعة عن ابن عباس بشأن هذا في تفسير الطبري 12/78 وما بعدها، وانظر: أيضا ناسخ ابن العربي 2/215، وأسباب النزول 150، ولباب النقول 104.
[21645]:ساقطة من د.
[21646]:انظر: تفسير الطبري 12/82.
[21647]:د: ذبحته. و(عليه الحجة مجمعة من تحليله) تفسير الطبري 12/85، وانظر: إيثار الإنصاف 269، و270، وفي أحكام القرطبي 7/57 ذكر الفقهاء القائلين بهذا، وكذا في المغنى 11/33، 34. وقد رد ابن العربي في ناسخه 2/217 القول بالإجماع على أكل ذبيحة الناسي ليحكي فيها ستة أقوال.
[21648]:ب د: يوكل.
[21649]:ب: ذبح.
[21650]:انظر: تفسير الطبري 12/88، والإجماع 57.
[21651]:انظر: المحرر 6/140 وفيه أنه قول جمهور العلماء.
[21652]:ب: ذكره.
[21653]:انظر: قول مالك هذا في شرح الآية 6 من المائدة.
[21654]:ب: عنى، د: عني.
[21655]:ب د: كاتبت.
[21656]:د: فارسا.
[21657]:في (ب): بياض وبعده: الله، وفي (د) بياض أيضا وبعده: بحه.
[21658]:ساقطة من ب د.
[21659]:د: بسكن.
[21660]:وعدم أكل ذبيحة المجوس قول ابن عبد البر في الكافي 181، وهو في الإجماع 57.
[21661]:ب: آية الفسق.
[21662]:انظر: تفسير الطبري 12/77، 78، وأسباب النزول 150، ولباب النقول 104.
[21663]:ساقطة من د.
[21664]:انظر: تفسير الطبري 12/78 وما بعدها.
[21665]:انظر: تفسير الطبري 12/86، 87، ومعاني الزجاج 2/287.
[21666]:ب د: الله سبحانه أكل.
[21667]:المائدة آية 6. وانظر: تفسير الطبري 12/87، وفي ناسخ ابن حزم 38 أنها منسوخة بقوله: {اليوم أحل لكم الطيبات} المائدة آية 6. وكذا في ناسخ ابن سلامة 88، وعزا ابن العربي في ناسخه 2/214 هذا النسخ إلى عكرمة.
[21668]:وهو قول ابن عباس في تفسير الطبري 12/85.
[21669]:هو قول الفراء في معانيه 1/352.
[21670]:مخرومة في أ. ب: الأصنام.
[21671]:انظر: المحرر: 6/140، والتفسير الكبير 13/169.