{ لَكُمْ فِيهَا } أي : [ في ] الهدايا { مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } هذا في الهدايا المسوقة ، من البدن ونحوها ، ينتفع بها أربابها ، بالركوب ، والحلب ونحو ذلك ، مما لا يضرها { إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } مقدر ، موقت وهو ذبحها إذا وصلت مَحِلُّهَا وهو الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ، أي : الحرم كله " منى " وغيرها ، فإذا ذبحت ، أكلوا منها وأهدوا ، وأطعموا البائس الفقير .
قوله : { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ } أي : لكم في البدن منافع ، من لبنها ، وصوفها وأوبارها وأشعارها ، وركوبها .
{ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } : قال مِقْسَم ، عن ابن عباس [ في قوله ]{[20208]} : { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } قال : ما لم يسم بدنا .
وقال مجاهد في قوله : { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } ، قال : الركوب واللبن والولد ، فإذا سُمّيت بَدنَةً أو هَديًا ، ذهب ذلك كله . وكذا قال عطاء ، والضحاك ، وقتادة ، [ ومقاتل ]{[20209]} وعطاء الخراساني ، وغيرهم .
وقال آخرون : بل له أن ينتفع بها وإن كانت هديا ، إذا احتاج إلى ذلك ، كما ثبت في الصحيحين عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدَنَةً ، قال : " اركبها " . قال : إنها بَدنَة . قال : " اركبها ، ويحك " ، في الثانية أو الثالثة{[20210]} .
وفي رواية لمسلم ، عن جابر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اركبها بالمعروف إذا ألجئتَ إليها " {[20211]} .
وقال شعبة ، عن زهير بن أبي ثابت الأعمى ، عن المغيرة بن حَذْف ، عن علي ؛ أنه رأى رجلا يسوق بدنة ومعها ولدها ، فقال : لا تشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها ، فإذا كان يوم النحر فاذبحها وولدَها .
وقوله : { ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ } أي : مَحِل الهدي وانتهاؤه إلى البيت العتيق ، وهو الكعبة ، كما قال تعالى : { هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ } [ المائدة : 95 ] ، وقال { وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } [ الفتح : 25 ] .
وقد تقدم الكلام على معنى " البيت العتيق " قريبا ، ولله الحمد{[20212]} .
وقال ابن جُرَيْج ، عن عطاء : كان ابن عباس يقول : كل من طاف بالبيت ، فقد حل ، قال الله تعالى : { ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ }
ثم اختلف المتألون في قوله { لكم فيها منافع } الآية ، فقال مجاهد وقتادة : أراد أن للناس في أنعامهم منافع من الصوف واللبن وغير ذلك ما لم يبعثها ربها هدياً فإذا بعثها فهو «الأجل المسمى » ، وقال عطاء بن أبي رباح : أراد في الهدي المبعوث منافع من الركوب والاحتلاب لمن اضطر ، و «الأجل » نحرها وتكون { ثم } لترتيب الجمل ، لأن المحل قبل الأجل ومعنى الكلام عند هاتين الفرقتين { ثم محلها } إلى موضع النحر فذكر { البيت } لأنه أشرف الحرم وهو المقصود بالهدي وغيره ، وقال ابن زيد وابن عمر والحسن ومالك : «الشعائر » في هذه الآية مواضع الحج كلها ومعالمه بمنى وعرفة والمزدلفة والصفا والمروة والبيت وغير ذلك ، وفي الآية التي تأتي أن البدن من الشعائر ، و «المنافع » التجارة وطلب الرزق ، ويحتمل أن يريد كسب الأجر والمغفرة ، وبكل احتمال قالت فرقة و «الأجل » الرجوع إلى مكة لطواف الإفاضة وقوله ، { محلها } مأخوذ من إحلال المحرم ومعناه ثم أخر هذا كله إلى طواف الإفاضة ب { البيت العتيق } ، ف { البيت } على هذا التأويل مراد بنفسه ، قاله مالك في الموطأ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.