تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسۡجُدُواْۤ لِلرَّحۡمَٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحۡمَٰنُ أَنَسۡجُدُ لِمَا تَأۡمُرُنَا وَزَادَهُمۡ نُفُورٗا۩} (60)

واستكبر عن عبادته الكافرون واستنكفوا عن ذلك ولهذا قال : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ } أي : وحده الذي أنعم عليكم بسائر النعم ودفع عنكم جميع النقم . { قَالُوا } جحدا وكفرا { وَمَا الرَّحْمَنُ } بزعمهم الفاسد أنهم لا يعرفون الرحمن ، وجعلوا من جملة قوادحهم في الرسول أن قالوا : ينهانا عن اتخاذ آلهة مع الله وهو يدعو معه إلها آخر يقول : " يا رحمن " ونحو ذلك كما قال تعالى : { قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } فأسماؤه تعالى كثيرة لكثرة أوصافه وتعدد كماله ، فكل واحد منها دل على صفة كمال .

{ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا } أي : لمجرد أمرك إيانا . وهذا مبني منهم على التكذيب بالرسول واستكبارهم عن طاعته ، { وَزَادَهُمْ } دعوتهم إلى السجود للرحمن { نُفُورًا } هربا من الحق إلى الباطل وزيادة كفر وشقاء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسۡجُدُواْۤ لِلرَّحۡمَٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحۡمَٰنُ أَنَسۡجُدُ لِمَا تَأۡمُرُنَا وَزَادَهُمۡ نُفُورٗا۩} (60)

45

ومع هذا فإن أولئك المتبجحين المتطاولين ، يقابلون الدعوة إلى عبادة الرحمن باستخفاف واستنكار :

( وإذا قيل لهم : اسجدوا للرحمن : قالوا : وما الرحمن ? أنسجد لما تأمرنا ? وزادهم نفورا ) !

وهي صورة كريهة من صور الاستهتار والتطاول ؛ تذكر هنا للتهوين من وقع تطاولهم على الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] فهم لا يوقرون ربهم ، فيتحدثون بهذه اللهجة عن ذاته العلية ، فهل يستغرب من هؤلاء أن يقولوا عن الرسول ما قالوا ? وهم ينفرون من اسم الله الكريم ، زعمون أنهم لا يعرفون اسم( الرحمن )ويسألون عنه بما ، زيادة في الاستهتار . ( قالوا : وما الرحمن ? ) . ولقد بلغ من تطاولهم واستخفافهم أن يقولوا : ما نعرف الرحمن إلا ذاك باليمامة . يعنون به مسيلمة الكذاب !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسۡجُدُواْۤ لِلرَّحۡمَٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحۡمَٰنُ أَنَسۡجُدُ لِمَا تَأۡمُرُنَا وَزَادَهُمۡ نُفُورٗا۩} (60)

ولما ذكر في هذه الآية { الرحمن } كانت قريش لا تعرف هذا في أسماء الله ، وكان مسيلمة كذاب اليمامة تسمى ب «الرحمن » فغالطت قريش بذلك وقالت إن محمداً يأمر بعبادة «الرحمن » اليمامة فنزل قوله تعالى : { وإذا قيل لهم } الآية ، وقولهم { وما الرحمن } استفهام عن مجهول عندهم ف { ما } على بابها المشهور ، وقرأ جمهور القراء «تأمرنا » بالتاء أي أنت يا محمد ، وقرأ حمزة والكسائي والأسود بن يزيد وابن مسعود «يأمرنا » بالياء من تحت إما على إرادة محمد والكناية عنه بالغيبة ، وإما على إرادة رحمان اليمامة ، وقوله : { وزادهم نفوراً } أي أضلهم هذا اللفظ ضلالاً لا يختص به حاشى ما تقدم منهم .