فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسۡجُدُواْۤ لِلرَّحۡمَٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحۡمَٰنُ أَنَسۡجُدُ لِمَا تَأۡمُرُنَا وَزَادَهُمۡ نُفُورٗا۩} (60)

ثم أخبر سبحانه عنهم بأنهم جهلوا معنى الرحمن فقال : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسجدوا للرحمن قَالُواْ وَمَا الرحمن } قال المفسرون : إنهم قالوا ما نعرف الرحمن إلاّ رحمن اليمامة ، يعنون مسيلمة . قال الزجاج : الرحمن اسم من أسماء الله ، فلما سمعوه أنكروا ، فقالوا : وما الرحمن { أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا } ، والاستفهام للإنكار : أي لا نسجد للرحمن الذي تأمرنا بالسجود له ، ومن قرأ بالتحتية فالمعنى : أنسجد لما يأمرنا محمد بالسجود له . وقد قرأ المدنيون والبصريون { لِمَا تَأْمُرُنَا } بالفوقية ، واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم ، وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي بالتحتية . قال أبو عبيد : يعنون الرحمن . قال النحاس : وليس يجب أن يتأوّل على الكوفيين في قراءتهم هذا التأويل البعيد ، ولكن الأولى أن يكون التأويل لهم اسجدوا لما يأمرنا النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فتصح القراءة على هذا ، وإن كانت الأولى أبين .

{ وَزَادَهُمْ نُفُوراً } أي زادهم الأمر بالسجود نفوراً عن الدين وبعدً عنه ، وقيل زادهم ذكر الرحمن تباعداً من الإيمان ، كذا قال مقاتل ، والأوّل أولى .

/خ67