النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسۡجُدُواْۤ لِلرَّحۡمَٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحۡمَٰنُ أَنَسۡجُدُ لِمَا تَأۡمُرُنَا وَزَادَهُمۡ نُفُورٗا۩} (60)

قوله عز وجل : { وَإِذَا قِيل لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَن قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأَمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن العرب لم تكن تعرف الرحمن في أسماء الله تعالى ، وكان مأخوذاً من الكتاب فلما دعوا إلى السجود لله تعالى بهذا الاسم سألوا عنه مسألة الجاهل به فقالوا { وَمَا الرَّحْمَن أَنَسْجُدُ لِمَا تَأَمْرُنَا } .

الثاني : أن مسيلمة الكذاب كان يسمى الرحمن ، فلما سمعوا هذا الاسم في القرآن حسبوه مسيلمة ، فأنكروا ما دعوا إليه من السجود له .

والثالث : أن هذا قول قوم كانوا يجحدون التوحيد ولا يقرون بالله تعالى ، فلما أمروا أن يسجدوا للرحمن ازدادوا نفوراً مع هواهم بما دعوا إليه من الإيمان ، وإلا فالعرب المعترفون بالله الذين يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى كانوا يعرفون الرحمن في أسمائه وأنه اسم مسمى من الرحمة يدل على المبالغة في الوصف ، وهذا قول ابن بحر .