السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسۡجُدُواْۤ لِلرَّحۡمَٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحۡمَٰنُ أَنَسۡجُدُ لِمَا تَأۡمُرُنَا وَزَادَهُمۡ نُفُورٗا۩} (60)

ولما ذكر تعالى إحسانه إليهم وإنعامه عليهم ذكر ما أبدوه من كفرهم في موضع شكرهم بقوله : { وإذا قيل لهم } : أي : من أي قائل قال لهؤلاء الذين يتقلبون في نعمه : { اسجدوا } أي : اخضعوا بالصلاة وغيرها { للرحمن } أي : الذي لا نعمة لكم إلا منه { قالوا وما الرحمان } متجاهلين في معرفته فضلاً عن كفر نعمته معبرين بأداة ما لا يعقل ، وقال ابن عربي : إنما عبروا بذلك إشارة إلى جهلهم بالصفة دون الموصوف ، ثم عجبوا من أمره بذلك منكرين عليه بقولهم : { أنسجد لما تأمرنا } فعبروا عنه بعد التجاهل في أمره ، والإنكار على الداعي إليه أيضاً بأداة ما لا يعقل { وزادهم } أي : هذا الأمر الواضح المقتضي للإقبال والسكون شكراً للنعمة وطمعاً في الزيادة { نفوراً } أي : عن الإيمان والسجود .

تنبيه : هذه السجدة من عزائم سجود التلاوة يسن للقارئ والمستمع والسامع أن يسجد عند قراءتها أو سماعها ، وقرأ وإذا قيل لهم هشام والكسائي بالإشمام وضم القاف مع سكون الياء والباقون بكسر القاف ، وقرأ لما يأمرنا حمزة والكسائي بالياء التحتية والباقون بالتاء الفوقية ، وأبدل ورش والسوسي الهمزة وقفاً ووصلاً وحمزة وقفاً لا وصلاً .