تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَلَمَّا رَأَوۡهُ زُلۡفَةٗ سِيٓـَٔتۡ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ} (27)

{ 27 - 30 } { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ }

يعني أن محل تكذيب الكفار وغرورهم به حين كانوا في الدنيا ، فإذا كان يوم الجزاء ، ورأوا العذاب منهم { زُلْفَةً } أي : قريبًا ، ساءهم ذلك وأفظعهم ، وقلقل أفئدتهم ، فتغيرت لذلك وجوههم ، ووبخوا على تكذيبهم ، وقيل لهم هذا الذي كنتم به تكذبون ، فاليوم رأيتموه عيانًا ، وانجلى لكم الأمر ، وتقطعت بكم الأسباب ولم يبق إلا مباشرة العذاب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلَمَّا رَأَوۡهُ زُلۡفَةٗ سِيٓـَٔتۡ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ} (27)

وبينما هم يسألون في شك ويجابون في جزم ، يخيل السياق القرآني كأن هذا اليوم الذي يسألون عنه قد جاء ، والموعد الذي يشكون فيه قد حان ؛ وكأنما هم واجهوه الآن . فكان فيه ما كان :

( فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا ، وقيل : هذا الذي كنتم به تدعون ) !

فقد رأوه قريبا مواجها لهم حاضرا أمامهم دون توقع ودون تمهيد . فسيئت وجوههم ، وبدا فيها الاستياء . ووجه إليهم التأنيب : ( وقيل : هذا الذي كنتم به تدعون ) . . هذا هو حاضرا قريبا . وهو الذي كنتم تدعون أنه لن يكون !

وهذه الطريقة في عرض ما سيكون تتكرر في القرآن ، لمواجهة حالة التكذيب أو الشك بمفاجأة شعورية تصويرية تقف المكذب أو الشاك وجها لوجه مع مشهد حاضر لما يكذب به أو يشك فيه .

ثم هي في الوقت ذاته تصور حقيقة . فهذا اليوم كائن في علم الله ؛ أما خط الزمن بينه وبين البشر فهو قائم بالقياس إلى البشر . وهي مسألة نسبية لا تمثل الحقيقة المجردة كما هي في حساب الله . ولو أذن الله لرأوه اللحظة كما هو في علم الله . فهذا الانتقال المفاجئ لهم من الدنيا إلى الآخرة ، ومن موقف الشك والارتياب إلى موقف المواجهة والمفاجأة ، يشير إلى حقيقة قائمة لو أذن الله بها لانكشفت لهم . في الوقت الذي يصور لهم هذه الحقيقة تصويرا يهز مشاعرهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَلَمَّا رَأَوۡهُ زُلۡفَةٗ سِيٓـَٔتۡ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ} (27)

وقوله : { فلما رأوه } الضمير للعذاب الذي تضمنه الوعد ، وهذه حكاية حال تأتي ، المعنى : { فإذا رأوه } و : { زلفة } معناه قريباً ، قال الحسن : عياناً ، وقال ابن زيد : حاضراً ، و : { سيئت } معناه : ظهر فيها السوء ، وقرأ جمهور الناس : «سِيئت » بكسر السين ، وقرأ أبو جعفر الحسن ونافع أيضاً وابن كثير وأبو رجاء وشيبة وابن وثاب وطلحة : بالإشمام بين الضم والكسر . وقرأ جمهور الناس ونافع بخلاف عنه : «تدّعون » بفتح الدال وشدها ، على وزن : تفتعلون ، أي تتداعون أمره بينكم ، وقال الحسن : يدّعون أنه لا جنة ولا نار ، وقرأ أبو رجاء والحسن والضحاك وقتادة وابن يسار وسلام : «يدْعون » بسكون الدال على معنى : يستعجلون ، كقولهم : عجل لنا قطنا{[11224]} ، وأمطر علينا حجارة{[11225]} وغير ذلك .


[11224]:جاء ذلك في الآية 16 من سورة ص، وهي قوله تعالى: {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب}.
[11225]:جاء ذلك في قوله تعالى في الآية 32 من سورة الأنفال/ {وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء}.