تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

ثم قال تعالى : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ }

يأمر بالمحافظة على الصلوات عمومًا وعلى الصلاة الوسطى ، وهي العصر خصوصًا ، والمحافظة عليها أداؤهابوقتها وشروطها وأركانها وخشوعها وجميع ما لها من واجب ومستحب ، وبالمحافظة على الصلوات تحصل المحافظة على سائر العبادات ، وتفيد النهي عن الفحشاء والمنكر خصوصًا إذا أكملها كما أمر بقوله { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } أي : ذليلين خاشعين ، ففيه الأمر بالقيام والقنوت والنهي عن الكلام ، والأمر بالخشوع ، هذا مع الأمن والطمأنينة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

221

وفي هذا الجو الذي يربط القلوب بالله ، ويجعل الإحسان والمعروف في العشرة عبادة لله ، يدس حديثا عن الصلاة - أكبر عبادات الإسلام - ولم ينته بعد من هذه الأحكام . وقد بقي منها حكم المتوفى عنها زوجها وحقها في وصية تسمح لها بالبقاء في بيته والعيش من ماله ، وحكم المتاع للمطلقات بصفة عامة - يدس الحديث عن الصلاة في هذا الجو ، فيوحي بأن الطاعة لله في كل هذا عبادة كعبادة الصلاة ، ومن جنسها ، وهو إيحاء لطيف من إيحاءات القرآن . وهو يتسق مع التصور الإسلامي لغاية الوجود الإنساني في قوله تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) . واعتبار العبادة غير مقصورة على الشعائر ، بل شاملة لكل نشاط ، الاتجاه فيه إلى الله ، والغاية منه طاعة الله :

( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين . فإن خفتم فرجالا أو ركبانا . فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون ) . .

والأمر هنا بالمحافظة على الصلوات ، يعني إقامتها في أوقاتها ، وإقامتها صحيحة الأركان ، مستوفية الشرائط . أما الصلاة الوسطى فالأرجح من مجموع الروايات أنها صلاة العصر لقوله [ ص ] يوم الأحزاب :

" شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر . ملأ الله قلوبهم وبيوتهم نارا " . . وتخصيصها بالذكر ربما لأن وقتها يجيء بعد نومة القيلولة ، وقد تفوت المصلي . .

والأمر بالقنوت ، الأرجح أنه يعني الخشوع لله والتفرغ لذكره في الصلاة . وقد كانوا يتكلمون في أثناء الصلاة فيما يعرض لهم من حاجات عاجلة . حتى نزلت هذه الآية فعلموا منها أن لا شغل في الصلاة بغير ذكر الله والخشوع له والتجرد لذكره .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ} (238)

{ حافظوا على الصلوات } بالأداء لوقتها والمداومة عليها ، ولعل الأمر بها في تضاعيف أحكام الأولاد والأزواج لئلا يلهيهم الاشتغال بشأنهم عنها . { والصلاة الوسطى } أي الوسطى بينها ، أو الفضلى منها خصوصا وهي صلاة العصر لقوله عليه الصلاة والسلام يوم الأحزاب " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم نارا " . وفضلها لكثرة اشتغال الناس في وقتها ، واجتماع الملائكة . وقيل صلاة الظهر لأنها في وسط النهار وكانت أشق الصلوات عليهم فكانت أفضل لقوله عليه الصلاة والسلام " أفضل العبادات أحمزها " . وقيل صلاة الفجر لأنها بين صلاتي النهار والليل والواقعة في الحد المشترك بينهما ولأنها مشهودة . وقيل المغرب لأنها المتوسطة بالعدد ووتر النهار . وقيل العشاء لأنها بين جهريتين واقعتين طرفي الليل . وعن عائشة رضي الله تعالى عنها : أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ : " والصلاة الوسطى العصر " ، فتكون صلاة من الأربع خصت بالذكر مع العصر لانفرادهما بالفضل . وقرئ بالنصب على الاختصاص والمدح .

{ وقوموا لله } في الصلاة . { قانتين } ذاكرين له في القيام ، والقنوت الذكر فيه . وقيل خاشعين ، وقال ابن المسيب المراد به القنوت في الصبح .