تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (105)

ثم نهاهم عن التشبه بأهل الكتاب في تفرقهم واختلافهم ، فقال : { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا } ومن العجائب أن اختلافهم { من بعد ما جاءهم البينات } الموجبة لعدم التفرق والاختلاف ، فهم أولى من غيرهم بالاعتصام بالدين ، فعكسوا القضية مع علمهم بمخالفتهم أمر الله ، فاستحقوا العقاب البليغ ، ولهذا قال تعالى : { وأولئك لهم عذاب عظيم }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (105)

93

ومن ثم يعود السياق فيحذر الجماعة المسلمة من التفرق والاختلاف ؛ وينذرها عاقبة الذين حملوا أمانة منهج الله قبلها - من أهل الكتاب - ثم تفرقوا واختلفوا ، فنزع الله الراية منهم ، وسلمها للجماعة المسلمة المتآخية . . فوق ما ينتظرهم من العذاب ، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه :

( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ) .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (105)

ثم قال تعالى : { وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ [ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ]{[5461]} } ينهى هذه الأمة أن تكون كالأمم الماضية في تفرقهم واختلافهم ، وتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع قيام الحجة عليهم .

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا صَفْوان ، حدثني أزْهَر بن عبد الله الْهَوْزَنِي{[5462]} عن أبي عامر عبد الله بن لُحَيٍّ{[5463]} قال : حججنا مع معاوية بن أبي سفيان ، فلما قدمنا مكة قام حين صلى [ صلاة ]{[5464]} الظهر فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ أهْلَ الْكَتَابَيْنِ افْتَرَقُوا في دِينِهِمْ عَلَى ثنتيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً ، وإنَّ هذِهِ الأمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً - يعني الأهواء - كُلُّهَا فِي النَّار إلا وَاحِدَةٌ ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ ، وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ تُجَارى بِهِمْ تِلْكَ الأهْواء ، كَمَا يَتَجَارى الكَلبُ بصَاحِبِهِ ، لا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلا مَفْصِلٌ إلا دَخَلَهُ . واللهِ - يَا مَعْشَر العَربِ - لَئِنْ لَمْ تَقُومُوا بِمَا جاء بِهِ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم لَغَيْرُكم{[5465]} مِن النَّاسِ أحْرَى ألا يَقُومَ بِهِ " .

وهكذا رواه أبو داود ، عن أحمد بن حنبل ومحمد بن يحيى ، كلاهما عن أبي المغيرة - واسمه عبد القدوس بن الحجاج الشامي - به ، وقد رُوي هذا الحديث من طرق{[5466]} .


[5461]:زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ: "الآية".
[5462]:في جـ، ر: "الهوري"، وفي هـ ومسند الإمام أحمد (4/102): "الهوزي". قال أبو المغيرة في موضع آخر: الحرازي" والله أعلم بالصواب.
[5463]:في ر: "لجي".
[5464]:زيادة من أ، و.
[5465]:في جـ: "فغيركم".
[5466]:المسند (4/102) وسنن أبي داود برقم (4597).