( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا ) هم اليهود والنصارى عند جمهور المفسرين فقد تفرق منهما فرقا ، واختلف كل منهما باستخراج التأويلات الزائغة وكتم الآيات النافعة وتحريفها لما أخلدوا إليه من حطام الدنيا ، وقيل هم المبتدعة من هذه الأمة ، وقيل الحرورية ، والظاهر الأول .
وقيل وهذا عن التفرق والاختلاف يختص بالمسائل الأصولية ، وأما المسائل الفرعية الاجتهادية فالاختلاف فيها جائز ، وما زال الصحابة فمن بعدهم من التابعين وتابعيهم مختلفين في أحكام الحوادث . وفيه نظر ، فإنه ما زال في تلك العصور المنكر للاختلاف موجودا ، وتخصيص بعض المسائل بجواز الاختلاف فيها دون البعض الآخر ليس بصواب ، فالمسائل الشرعية متساوية الأقدام في انتسابها إلى الشرع .
أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة " وأخرج أحمد وأبو داود والحاكم عن معاوية مرفوعا نحوه ، وزاد : كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة ، وأخرج الحاكم عن ابن عمر مرفوعا نحوه أيضا وزاد : كلهم في النار إلا ملة واحدة فقيل له ما الواحدة قال ما أنا عليه اليوم وأصحابي {[364]} .
وأخرج ابن ماجة عن عوف بن مالك مرفوعا نحوه وفيه فواحدة في الجنة واثنتان وسبعون في النار قيل يا رسول الله فمن هم قال الجماعة ، وأخرجه أحمد من حديث أنس ، وفيه قيل يا رسول الله من تلك الفرقة قال الجماعة .
وقد وردت آيات وأحاديث كثيرة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وفي الأمر بالكون في الجماعة والنهي عن الفرقة .
( من بعد ما جاءهم البينات ) يعني الحجج الواضحات المبينات للحق الموجبات لعدم الاختلاف والفرقة فعلموها ثم خالفوها ، ولم يقل ( جاءتهم ) لجواز حذف علامة التأنيث من الفعل في التقديم تشبيها بعلامة التثنية والجمع ( وأولئك لهم ) أي لهؤلاء الذين تفرقوا واختلفوا ( عذاب عظيم ) في الآخرة ، فيه زجر عظيم للمؤمنين عن التفرق والاختلاف .
عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام من " عنقه " أخرجه أبو داود{[365]} ، وعن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من سره ان يسكن بحبوحة الجنة فعليه الجماعة ، فإن الشيطان مع الفذ وهو من الإثنين أبعد " ، رواه البغوي بسنده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.