تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ} (10)

وقوله : { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } والمراد بالمرض هنا : مرض الشك والشبهات والنفاق ، لأن{[42]}  القلب يعرض له مرضان يخرجانه عن صحته واعتداله : مرض الشبهات الباطلة ، ومرض الشهوات المردية ، فالكفر والنفاق والشكوك والبدع ، كلها من مرض الشبهات ، والزنا ، ومحبة [ الفواحش و ]المعاصي وفعلها ، من مرض الشهوات ، كما قال تعالى : { فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } وهي شهوة الزنا ، والمعافى من عوفي من هذين المرضين ، فحصل له اليقين والإيمان ، والصبر عن كل معصية ، فرفل في أثواب العافية .

وفي قوله عن المنافقين : { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا } بيان لحكمته تعالى في تقدير المعاصي على العاصين ، وأنه بسبب ذنوبهم السابقة ، يبتليهم بالمعاصي اللاحقة الموجبة لعقوباتها كما قال تعالى : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } وقال تعالى : { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } وقال تعالى : { وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ } فعقوبة المعصية ، المعصية بعدها ، كما أن من ثواب الحسنة ، الحسنة بعدها ، قال تعالى : { وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى }


[42]:- في ب: وذلك أن.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ} (10)

1

ولكن لماذا يحاول المنافقون هذه المحاولة ؟ ولماذا يخادعون هذا الخداع

( في قلوبهم مرض ) . .

في طبيعتهم آفة . في قلوبهم علة . وهذا ما يحيد بهم عن الطريق الواضح المستقيم . ويجعلهم يستحقون من الله أن يزيدهم مما هم فيه :

( فزادهم الله مرضا ) . .

فالمرض ينشىء المرض ، والانحراف يبدأ يسيرا ، ثم تنفرج الزاوية في كل خطوة وتزداد . سنة لا تتخلف . سنة الله في الأشياء والأوضاع ، وفي المشاعر والسلوك . فهم صائرون إذن إلى مصير معلوم . المصير الذي يستحقه من يخادعون الله والمؤمنين :

( ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ) .