قوله تعالى : { فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } يعني شكاً ونفاقاً وظلمة وضعفاً ، لأن المريض فيه فترة ووهن ، والشاك أيضاً في أمره فترة وضعف . فعبَّر بالمرض عن الشك ، لأن المنافقين فيهم ضعف ووهن ، ألا ترى إلى قوله تعالى : { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أجسامهم وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العدو فاحذرهم قَاتَلَهُمُ الله أَنَّى يُؤْفَكُونَ } [ المنافقون : 4 ] . ويقال : إن المريض تعرض للهلاك ، فسمي النفاق مرضاً ، لأن النفاق قد يهلك صاحبه ، لأن الخلق على مراتب ثلاث ، ميت في الأحوال كلها كالكافر ، وحي في الأحوال كلها كالمؤمن لقوله تعالى : { أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فأحييناه وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِى الناس كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظلمات لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ للكافرين مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الأنعام : 122 ] ، ومريض كالمنافق .
ثم قال تعالى : { فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا } وهذا اللفظ يحتمل معنين : يحتمل الخبر عن الماضي ، ويحتمل الدعاء ؛ فإن كان المراد به الخبر فمعناه : في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً إلى مرضهم ، كما قال في آية أخرى { وَأَمَّا الذين فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إلى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كافرون } [ التوبة : 125 ] ، لأن كل سورة نزلت يشكون فيها ، فكان ذلك المرض لهم ، وللمؤمنين زيادة اليقين . وإن كان المراد به الدعاء ، فمعناه : فزادهم الله مرضاً على مرضهم ، على وجه الذم والطرد لهم ، كما قال في آية أخرى { وَقَالَتِ اليهود عُزَيْرٌ ابن الله وَقَالَتِ النصارى المسيح ابن الله ذلك قَوْلُهُم بأفواههم يضاهئون قَوْلَ الذين كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قاتلهم الله أنى يُؤْفَكُونَ } [ التوبة : 30 ] أو لعنهم الله ، فإن قيل : كيف يجوز أن يحمل على وجه الدعاء ، وإنما يحتاج إلى الدعاء عند العجز ؟ قيل له : هذا تعليم من الله تعالى أنه يجوز الدعاء على المنافقين والطرد لهم ، لأنهم شر خلق الله تعالى ، لأنه وعد لهم يوم القيامة الدرك الأسفل من النار .
ثم قال : { قاتلهم الله } [ التوبة : 30 ] أو لعنهم الله ، فإن قيل : كيف يجوز أن يحمل على وجه الدعاء ، وإنما يحتاج إلى الدعاء عند العجز ؟ قيل له : هذا تعليم من الله تعالى أنه يجوز الدعاء على المنافقين والطرد لهم ، لأنهم شر خلق الله تعالى ، لأنه وعد لهم يوم القيامة الدرك الأسفل من النار .
ثم قال : { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } يعني مؤلم ، أي عذاب وجيع الذي يخلص وجعه إلى قلوبهم .
قوله : { بِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } أي مجازاة لهم بتكذيبهم .
قرأ حمزة وابن عامر { فَزَادَهُمُ الله } بكسر الزاي ، وهي لغة بعض العرب ، وقرأ عاصم وأبو عمرو بالفتح ، وهي اللغة الظاهرة ، وقرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة والكسائي { يَكْذِبُونَ } بتخفيف الذال ، وقرأ الباقون بالتشديد . فمن قرأ بالتخفيف فمعناه : بما كانوا يكذبون بقولهم أنهم مؤمنون ، وجحدوا في السر لأنهم كفروا بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم في السر . ومن قرأ بالتشديد فمعناه : بما كانوا يكذبون ، يعني ينسبون محمداً إلى الكذب ، ويجحدون نبوته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.