{ مرض } حالة توجب وقوع الخلل في الأفعال الصادرة عن موضوعها .
{ فزادهم الله مرضا } كلما أنزل من وحي الله تعالى شيئا فكفروا به وازدادوا كفرا .
{ أليم } وجيع { يكذبون } فهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم .
لما فسدت طويتهم زادهم الله فسادا : فكأن المرض هنا علة في الدين ولا تستلزم بالضرورة أن تكون علة حسية في العضلة الصنوبرية التي في أيسر التجويف الصدري ، والمعروف بالقلب ؛ ومن عدل الله وفضله أن كلماته- وكلها صدق وعدل- تزيد العقلاء المهتدين تبصرا وهداية ، وتزيد الضالين حسرة وخسارا : { . . فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون . وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم . . }{[135]} : { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا }{[136]} ؛ { وإنه لتذكرة للمتقين . وإنا لنعلم أن منكم مكذبين . وإنه لحسرة على الكافرين . وإنه لحق اليقين }{[137]} . { ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون } ولهؤلاء المخادعين عذاب موجع أشد الوجع : بالغ النهاية في الألم : { . . قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم . يصهر به ما في بطونهم والجلود . لهم مقاطع من حديد }{[138]} : وذلك بكذبهم على ربهم وقولهم آمنا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم ، وإن كذبا على الله ليس ككذب على غيره : { ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة . . }{[139]} -المنافق هو الذي لا يطابق ظاهره باطنه سواء كان ما في باطنه ما يضاد ظاهره أو كان خاليا عما يشعر به ظاهره . . . ولغلظ كفر المنافقين قال الله تعالى : { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار . . }{[140]} : ووصف حال الكفار في آيتين ، وحال المنافقين في ثلاث عشرة آية نعى عليهم فيها خبثهم ونكرهم ، وفضحهم وسفههم ، واستجهلهم واستهزأ بهم وتهكم بفعلهم ، . . ودعاهم صما وبكما ، وضرب الأمثال الشنيعة ؛ قصة المنافقين عن آخرها معطوفة على قصة الذين كفروا . . . والضمير العائد إلى من يكون موحدا تارة باعتبار اللفظ ، نحو : { ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة . . }{[141]} ومجموعا أخرى باعتبار المعنى مثل : { ومنهم من يَسْتَمِعُونَ إليك . . }{[142]} ، وقد اجتمع الاعتبار في الآية في { يقول } و{ منا } وإنما اختص بالذكر الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر لأنهما قطرا الإيمان ومن أحاط بهما فقد حاز الإيمان بحذافيره ، وفي تكرير الباء إيذان بأنهم ادعوا كل واحد من الإيمانيين على صفة الصحة والاستحكام ؛ فلما أتوا بالجملة الفعلية ليكون معناها : أحدثنا الدخول في الإيمان لتروج دعواهم الكاذبة جاء بالجملة الاسمية ليفيد نفي ما انتحلوا إثباته لأنفسهم على سبيل البث والقطع ، وأنهم ليس لهم استئهال أن يكونوا طائفة من طوائف المؤمنين ، فكان هذا أوكد وأبلغ من أن يقال : إنهم لم يؤمنوا ونظير الآية قوله تعالى : { يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها . . }{[143]}-
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.