تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ} (10)

الآية 10 : وقوله تعالى{[184]} : ( في قلوبهم مرض ) يقال : شط ونفاق . سمى الله عز وجل المنافقين مرضى لاضطرابهم في الدين ، لأنهم كانوا يظهرون الموافقة للمؤمنين بالقول ، ويضمرون الخلاف لهم في القلب . فكان حالهم كحال المريض الذي هو مضطرب بين الموت والحياة ؛ إذ المريض يشرف ربما على الموت ، ويرجو الإقبال [ عليه ]{[185]} منه ثانيا ، فهو مضطرب بين ذلك . فكذلك هم لما كانوا مضطربين ؛ سماهم موتى لما لم ينتفعوا بحياتهم ، ولم يكتسبوا الحياة الدائمة وسمى المؤمنين أحياء لما انتفعوا بحياتهم ، واكتسبوا الحياة{[186]} الدائمة لموافقتهم باللسان والقلب جميعا لدين الله عز وجل والله أعلم .

وقوله تعالى : ( فزادهم الله مرضا ) اختلف في تأويله : قالت المعتزلة : هو التخلية بينهم وبين ما اختاروا . وأما عندنا [ فهو ]{[187]} على خلق أفعال زيادة الكفر والنفاق في قلوبهم لما زادوا في كل وقت من إظهار الموافقة للمؤمنين بالقول وإضمار الخلاف لهم بالقلب ؛ خلق [ الله ]{[188]} عز وجل تلك الزيادة من المرض في قلوبهم باختيارهم . وقد ذكرنا الوجه في ذلك في ما تقدم في قوله : ( اهدنا ) [ الفاتحة : 5 ] .

وقوله تعالى : ( ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ) لأن عذاب الدنيا قد يكون ، ولا ألم فيه ، فأخبر الله عز وجل أن عذاب الآخرة شديد عظيم ليس كعذاب الدنيا .


[184]:- من ط م و ط ع، ساقطة من الأصل.
[185]:- من ط م.
[186]:- من ط م و ط ع، في الأصل: بالحياة.
[187]:- من ط م.
[188]:- من ط م.