نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ} (10)

ثم بين سبحانه أن سبب الغفلة عن هذا الظاهر كون آلة إدراكهم مريضة ، شغلها المرض عن إدراك ما ينفعها فهي لا تجنح إلا إلى ما يؤذيها ، كالمريض لا تميل نفسه إلى غير مضارها فقال جواباً لمن كأنه قال : ما سبب فعلهم هذا من الخداع{[715]} وعدم الشعور{[716]} ؟ { في قلوبهم مرض }{[717]} أي من أصل الخلقة يوهن قوى الإيمان فيها ويوجب ضعف أفعالهم الإسلامية وخللها ، لأن المرض كما قال الحرالي : ضعف في القوى يترتب عليه خلل في الأفعال { فزادهم الله } أي{[718]} بما له من صفات الجلال والإكرام لمخادعتهم{[719]} بما يرون من عدم تأثيرها{[720]} { مرضاً } أي سوء اعتقاد بما يزيد من خداعهم وألماً في قلوبهم بما يرون من خيبة مطلوبهم ، فانسد عليهم باب الفهم والسداد جملة ، والزيادة قال الحرالي : استحداث أمر لم يكن في موجود الشيء . انتهى . { ولهم } أي مع ضرر الغباوة في الدنيا الملحقة بالبهائم { عذاب أليم } في الآخرة أي شديد الألم وهو الوجع اللازم . قاله الحرالي { بما كانوا } قال الحرالي : من كان الشيء وكان الشيء كذا إذا ظهر وجوده وتمت صورته أو ظهر ذلك الكذا من ذات نفسه . انتهى . { يكذبون } أي يوقعون{[721]} الكذب وهو الإخبار عن أنفسهم بالإيمان مع تلبّسهم بالكفران ، والمعنى{[722]} على قراءة التشديد يبالغون في الكذب ، أو ينسبون الصادق إلى الكذب ، وذلك أشنع الكذب .


[715]:ليست في مد
[716]:ليست في مد
[717]:المرض حقيقة فيما يعرض البدن فيخرجه عن الاعتدال الخاص به ويوجب الخلل في أفعاله ومجاز في الأعراض النفسانية التي تخل بكمالها كالجهل وسوء العقيدة والحسد والضغينة وحب المعاصي لأنها مانعة عن نيل الفضائل أو مؤدية إلى زوال الحياة الحقيقية الأبدية، والآية تحتملهما.
[718]:ليس في مد
[719]:ليست في م
[720]:ليست في م
[721]:وفي أنوار التنزيل: والمعنى بسبب كذبهم أو ببدله جزاء له وهو قولهم "آمنا"
[722]:وفي أنوار التنزيل "يكذبون" من كذبه لأنهم كانوا يكذبون الرسول بقاوبهم، أو من كذب الوحشى إذا جرى شوطا ووقف لينظر ما وراءه فإن المنافق متحير متردد.