تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{تِلۡكَ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآئِهَاۚ وَلَقَدۡ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبۡلُۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (101)

{ تِلْكَ الْقُرَى ْ } الذين تقدم ذكرهم { نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا ْ } ما يحصل به عبرة للمعتبرين ، وازدجار للظالمين ، وموعظة للمتقين .

{ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ْ } أي : ولقد جاءت هؤلاء المكذبين رسلهم تدعوهم إلى ما فيه سعادتهم ، وأيدهم اللّه بالمعجزات الظاهرة ، والبينات المبينات للحق بيانا كاملا ، ولكنهم لم يفدهم هذا ، ولا أغنى عنهم شيئا ، { فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ ْ } أي : بسبب تكذيبهم وردهم الحق أول مرة ، ما كان ليهديهم للإيمان ، جزاء لهم على ردهم الحق ، كما قال تعالى : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ْ } { كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ْ } عقوبة منه . وما ظلمهم اللّه ولكنهم ظلموا أنفسهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{تِلۡكَ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآئِهَاۚ وَلَقَدۡ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبۡلُۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (101)

94

والآن - وقد انتهى السياق من بيان السنة الجارية ، ولمس بها الوجدان البشري تلك اللمسات الموحية - يتجه بالخطاب إلى رسول الله [ ص ] يطلعه على العاقبة الشاملة لابتلاء تلك القرى ، وما تكشف عنه من حقائق عن طبيعة الكفر وطبيعة الإيمان ، ثم عن طبيعة البشر الغالبة كما تجلت في هذه الأقوام :

( تلك القرى نقص عليك من أنبائها ، ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات ، فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل . كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين . وما وجدنا لأكثرهم من عهد ، وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ) . .

فهو قصص من عند الله ، ما كان للرسول [ ص ] به من علم ، إنما هو وحي الله وتعليمه .

( ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات ) . .

فلم تنفعهم البينات . وظلوا يكذبون بعدها ، كما كذبوا قبلها . ولم يؤمنوا بما كانوا قد كذبوا به من قبل أن تأتيهم البينة عليه . فالبينات لا تؤدي بالمكذبين الى الإيمان . وليس البينة هي ما كان ينقصهم ليؤمنوا . إنما كان ينقصهم القلب المفتوح ، والحس المرهف والتوجه إلى الهدى . كان ينقصهم الفطرة الحية التي تستقبل وتنفعل وتستجيب . فلما لم يوجهوا قلوبهم إلى موحيات الهدى ودلائل الإيمان طبع الله على قلوبهم وأغلقها ، فما عادت تتلقى ولا تنفعل ولا تستجيب :

( كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين ) . .