الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{تِلۡكَ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآئِهَاۚ وَلَقَدۡ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبۡلُۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (101)

{ تِلْكَ القرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا } كقوله : { هذا بَعْلِى شَيْخًا } [ هود : 72 ] في أنه مبتدأ وخبر وحال ويجوز أن يكون { القرى } صفة لتلك و { نَقُصُّ } خبراً ، وأن يكون { القرى نَقُصُّ } خبر بعد خبر .

فإن قلت : ما معنى : { تِلْكَ القرى } حتى يكون كلاماً مفيداً ؟ قلت : هو مفيد ، ولكن بشرط التقييد بالحال كما يفيد بشرط التقييد بالصفة في قولك : هو الرجل الكريم .

فإن قلت : ما معنى الإخبار عن القرى بنقص عليك من أنبائها ؟ قلت : معناه : أن تلك القرى المذكورة نقص عليك بعض أنبائها ولها أنباء غيرها لم نقصها عليك { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } عند مجيء الرسل بالبينات بما كذبوه من آيات الله من قبل مجيء الرسل أو فما كانوا ليؤمنوا إلى آخر أعمارهم بما كذبوا به أوّلاً حين جاءتهم الرسل ، أي استمروا على التكذيب من لدن مجيء الرسل إليهم إلى أن ماتوا مصرين ، لا يرعوون ولا تلين شكيمتهم في كفرهم وعنادهم مع تكرار المواعظ عليهم وتتابع الآيات . ومعنى اللام تأكيد النفي وأنّ الإيمان كان منافياً لحالهم في التصميم على الكفر . وعن مجاهد : هو كقوله : { وَلَوْ رُدُّواْ لعادوا لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } [ الأنعام : 28 ] . { كَذَلِكَ } مثل ذلك الطبع الشديد نطبع على قلوب الكافرين .