الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{تِلۡكَ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآئِهَاۚ وَلَقَدۡ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبۡلُۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (101)

أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبي أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي بن كعب في قوله { فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل } قال : كان في علم الله يوم أقروا له بالميثاق من يكذب به ومن يصدق .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل } قال : مثل قوله { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه } [ الأنعام : 28 ] .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله { فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل } قال : ذلك يوم أخذ منهم الميثاق فآمنوا كرهاً .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع في قوله { ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين } قال : لقد علمه فيهم أيهم المطيع من العاصي حيث خلقهم في زمان آدم . قال : وتصديق ذلك حين قال لنوح { يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم } [ هود : 48 ] ففي ذلك قال { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون } [ الأنعام : 28 ] وفي ذلك { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً } [ الإِسراء : 15 ] .

وأخرج الشيخ عن مقاتل بن حيان في قوله { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم } [ الأعراف : 172 ] قال : أخرجهم مثل الذر فركب فيهم العقول ، ثم استنطقهم فقال لهم { ألست بربكم } [ الأعراف : 172 ] قالوا جميعاً : بلى فأقروا بألسنتهم وأسر بعضهم الكفر في قلوبهم يوم الميثاق ، فهو قوله { ولقد جاءتهم رسلهم } بعد البلاغ { بالبينات فما كانوا ليؤمنوا } بعد البلوغ { بما كذبوا } يعني يوم الميثاق { كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين } .