غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{تِلۡكَ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآئِهَاۚ وَلَقَدۡ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبۡلُۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (101)

94

ثم أخبر عن الأقوام المذكورين تسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم فقال { تلك القرى } وهي مبتدأ وخبر . وقوله { يقص } حال والعامل معنى اسم الإشارة ، أو خبر بعد خبر ، أو { القرى } صفة ل { تلك } و{ نقص } خبر . وفائدة الإخبار على هذا التقدير ظاهرة . وأما على الأوّلين فترجع الفائدة إلى الحال أو الخبر الثاني كما ترجع إلى الصفة في قولك : هو الرجل الكريم . الحاصل أن تلك القرى المذكورة نقص عليك بعض أنبائها ولها أنباء غيرها لم نقصها عليك ، وأيضاً خصصنا تلك القرى بقصص بعض أنبائها لأنهم اغتروا بطول الأمهال مع كثرة النعم وكانوا أقرب الأمم إلى العرب فذكرنا أحوالهم تنبيهاً على الاحتراز عن مثل أعمالهم . ثم عزى رسوله بقوله { ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا } من قبل اللام لتأكيد النفي وأن الإيمان كان منافياً لحالهم . قال ابن عباس والسدي : فما كان أولئك الكفار ليؤمنوا عند إرسال الرسل بسبب تكذيبهم يوم أخذ ميثاقهم حين أخرجهم من ظهر آدم أقروا باللسان كرهاً وأضمروا التكذيب . وقال الزجاج : فما كانوا ليؤمنوا بعد رؤية المعجزات بما كذبوا به من قبل رؤية تلك المعجزات . وعن مجاهد فما كانوا ليؤمنوا لو أحييناهم بعد الإهلاك ورددناهم إلى دار التكليف بما كذبوا من قبل كقوله { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه } [ الأنعام : 28 ] وقيل : فما كانوا ليؤمنوا عند مجيء الرسل بما كذبوا من قبل مجيئهم . وقيل : ما كانوا ليؤمنوا في الزمان المستقبل بما كذبوا به في الزمان الماضي أي استمروا على التكذيب من لدن مجيء الرسل إلى أن ماتوا مصرين لم ينجع فيهم تكرير المواعظ وتتابع الآيات { كذلك } أي مثل ذلك الطبع الشديد { يطبع الله على قلوب الكافرين } الذي كتب أن لا يؤمنوا أبداً . والطبع والختم والرين والكنان والغشاوة والصد والمنع واحد كما سلف . وقال الجبائي : هو أن يسم قلوب الكفار بسمات وعلامات تعرف الملائكة بها أن صاحبها لا يؤمن . وقال الكعبي : إنما أضاف الطبع إلى نفسه لأجل أن القوم إنما صاروا إلى ذلك الكفر عند أمره وامتحانه فهو كقوله تعالى فلم يزدهم دعائي إلا فراراً } [ نوح : 6 ] .