الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{تِلۡكَ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآئِهَاۚ وَلَقَدۡ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبۡلُۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (101)

قوله : { تلك القرى نقص عليك من أنبائها } ، إلى قوله : { لفاسقين }[ 101 ، 102 ] .

والمعنى : تلك القرى ، يا محمد ، نقص عليك من أخبارها ، وهو ما تقدم ذكره : من قوم نوح{[24609]} وعاد وثمود{[24610]} وقوم لوط وقوم شعيب ، لتعلم أنا ننصر{[24611]} رسلنا{[24612]} .

ثم قال ( الله{[24613]} ) تعالى : { ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات }[ 101 ] .

أي : ولقد جاءت أهل القرى رسلهم ، بالحجج [ البينات ]{[24614]} .

وقوله : { فما كانوا ليومنوا }[ 101 ] .

أي : فما كان هؤلاء المشركون الذين أهلكناهم ليؤمنوا عند إرسالنا إليهم ، { بما كذبوا من قبل }[ 101 ] ، أي : بما كذبوا يوم أخذ{[24615]} عليهم الميثاق حين{[24616]} أخرجهم من ظهر آدم ، ( عليه السلام{[24617]} ){[24618]} .

قال مجاهد : المعنى : ليس{[24619]} يؤمنوا ، { بما كذبوا من قبل } ، أي : من قبل هلاكهم ، أي : لو ردوا إلى الدنيا بعد هلاكهم لم يؤمنوا بما كذبوا من قبل{[24620]} هلاكهم ، مثل : { ولو ردوا{[24621]} لعادوا لما نهوا عنه }{[24622]} .

وقال الربيع بن أنس : كان في علمه ( عز وجل{[24623]} ) يوم أقروا بالميثاق أنهم{[24624]} لا يؤمنون{[24625]} .

وقال السدي : ذلك يوم أخذ منهم الميثاق فآمنوا كرها ، فلم يكونوا ليؤمنوا الآن حقيقة{[24626]} .

وقوله : { كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين }[ 101 ] .

أي : كما طبعنا على قلوب هؤلاء الذين أهلكوا ولم يؤمنوا ، كذلك نطبع على قلوب المعتدين من أمتك يا محمد ، أي : نختم عليها فلا يؤمنوا لما تقدم في عمله منهم . وهذا إخبار [ من{[24627]} ] الله ( تعالى{[24628]} ) لنبيه ( عليه السلام{[24629]} ) عن قوم من أمته [ أنهم{[24630]} ] لا يؤمنون أبدا ، كما قال لنوح ( عليه السلام{[24631]} ) : { إنه لن يومن من قومك إلا من قد آمن }{[24632]} ، وكما قال لمحمد صلى الله عليه وسلم{[24633]} ، : { إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يومنون }{[24634]} .


[24609]:نوح: لحق في ج.
[24610]:في الأصل: ثماد، وهو تحريف.
[24611]:في الأصل: لننصر، وأثبت ما في "ج" و"ر"، وجامع البيان الذي نقل عنه مكي.
[24612]:جامع البيان 13/7، وتمام نصه: "والذين آمنوا في الحياة الدنيا على أعدائنا وأهل الكفر بنا، ويعلم مكذبوك من قومك ما عاقبة أمر من كذب رسل الله، فيرتدعوا عن تكذيبك، وينيبوا إلى توحيد الله وطاعته".
[24613]:ما بين الهلالين ساقط من "ج" و"ر".
[24614]:زيادة من جامع البيان 13/7، الذي نقل عنه مكي، رحمه الله.
[24615]:في ج: أخذنا.
[24616]:في ج: وحين.
[24617]:ما بين الهلالين ساقط من ج. وفي ر: صلى الله عليه وسلم.
[24618]:جامع البيان 13/7، 8.
[24619]:المعنى ليس، لحق في ج.
[24620]:من: أي من قلب، إلى: بما كذبوا من قبل، لحق في الأصل.
[24621]:الأنعام: 29. وفي ج: لو ردوا، وهو تحريف.
[24622]:التفسير 340، وجامع البيان 13/9، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1530، وتفسير ابن كثير 2/235، والدر المنثور 3/507، بزيادة في لفظه. قال الطبري: "وأما الذي قاله مجاهد من أن معناه: لو ردوا ما كانوا ليؤمنوا، فتأويل لا دلالة عليه من ظاهر التنزيل، ولا من خبر عن الرسول صحيح. وإذا كان ذلك كذلك، فأولى منه بالصواب ما كان عليه من ظاهر التنزيل دليل".
[24623]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[24624]:في الأصل: وأنهم، وهو تحريف.
[24625]:وهو قول أبي بن كعب أيضا، وهو الاختيار فيه، كما في جامع البيان 13/8، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1530، وزاد المسير 3/239، وتفسير ابن كثير 2/235.
[24626]:جامع البيان 13/8، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1530، وتفسير القرطبي 7/163، وتفسير ابن كثير 2/235. وتنظر أقوال أخرى في المحرر الوجيز 2/434، وزاد المسير 3/236.
[24627]:من "ج" و"ر".
[24628]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[24629]:انظر: المصدر السابق.
[24630]:من ج.
[24631]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[24632]:هود: 36، والآية بتمامها: {وأوحي إلى نوح أنه لن يومن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون}
[24633]:في ج: عليه السلام.
[24634]:البقرة: 5. وانظر: معاني القرآن للزجاج 2/361.