سورة   الأعراف
 
بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{تِلۡكَ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآئِهَاۚ وَلَقَدۡ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبۡلُۚ كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (101)

ثم قال عز وجل : { تِلْكَ القرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا } أي تلك القرى التي أهلكنا أهلها ، نخبرك في القرآن من حديثها { وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات } يعني : بالعلامات الواضحة ، والبراهين القاطعة ، التي لو اعتبروا بها لاهتدوا . { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ } يعني : إنّ أهل مكة لم يصدقوا بما كذب به الأمم الخالية . وقال مجاهد : فما كانوا ليؤمنوا بعد العذاب بما كذبوا من قبل وهذا مثل قوله تعالى : { بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لعادوا لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لكاذبون } [ الأنعام : 28 ] وقال السدي : { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ } أي يوم الميثاق فما كانوا ليؤمنوا في دار الدنيا بما كذبوا من قبل يوم الميثاق وأقروا به . وهو قوله : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بني آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى شَهِدْنا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ القيامة إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافلين } [ الأعراف : 172 ] ثم في الدنيا ما وجدناهم على ذلك الإقرار . ويقال : { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } عند مجيء الرسل { بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ } مجيء الرسل معناه أن مجيء الرسل لم ينفعهم . { كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله } يعني : هكذا يختم الله تعالى { على قُلُوبِ الكافرين } مجازاة لكفرهم . قوله تعالى : { وَمَا وَجَدْنَا لأِكْثَرِهِم مّنْ عَهْدٍ } { مِنْ } زيادة للصلة يعني : ما وجدنا لأكثرهم وفاءً فيما أمروا به يعني : الذين كذبوا من الأمم الخالية .