{ 1 - 4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ }
قال كثير من المفسرين : إن الجار والمجرور متعلق بالسورة التي قبلها ، أي : فعلنا ما فعلنا بأصحاب الفيل لأجل قريش وأمنهم ، واستقامة مصالحهم .
القول في تأويل قوله تعالى : { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ * إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشّتَآءِ وَالصّيْفِ * فَلْيَعْبُدُواْ رَبّ هََذَا الْبَيْتِ * الّذِيَ أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مّنْ خَوْفٍ } .
اختلفت القراء في قراءة{ لإيلافِ قُرَيْشٍ إيلافِهِمْ } فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار بياء بعد همز لإيلاف وإيلافهم ، سوى أبي جعفر ، فإنه وافق غيره في قوله( لإيلافِ ) فقرأه بياء بعد همزة ، واختلف عنه في قوله ( إيلافِهِمْ ) ، فروي عنه أنه كان يقرؤه : «إلْفِهِمْ » على أنه مصدر من ألف يألف إلفا ، بغير ياء . وحَكى بعضهم عنه أنه كان يقرؤه : «إلافِهِمْ » بغير ياء مقصورة الألف .
والصواب من القراءة في ذلك عندي : من قرأه : { لإيلافِ قُرَيْشٍ إيلافِهِمْ } بإثبات الياء فيهما بعد الهمزة ، من آلفت الشيء أُولفه إيلافا ، لإجماع الحجة من القرّاء عليه . وللعرب في ذلك لغتان : آلفت ، وألفت ، فمن قال : آلفت بمد الألف قال : فأنا أؤالف إيلافا ، ومن قال : ألفت بقصر الألف قال : فأنا آلَفُ إلْفا ، وهو رجل آلِف إلْفا . وحُكي عن عكرِمة أنه كان يقرأ ذلك : «لتألّفِ قُرَيْشٍ إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشّتاءِ والصّيْفِ » .
حدثني بذلك أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن أبي مكين ، عن عكرِمة .
وقد رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ما :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مِهْران ، عن سفيان ، عن ليث ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد ، قالت : سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ : «إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشّتاءِ وَالصّيْفِ » .
واختلف أهل العربية في المعنى الجالب هذه اللام في قوله : لإيلافِ قُرَيْشٍ ، فكان بعض نحويي البصرة يقول : الجالب لها قوله : { فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مأْكُولٍ } فهي في قول هذا القائل صلة لقوله : جعلهم ، فالواجب على هذا القول أن يكون معنى الكلام : ففعلنا بأصحاب الفيل هذا الفعل ، نعمة منا على أهل هذا البيت ، وإحسانا منا إليهم ، إلى نعمتنا عليهم في رحلة الشتاء والصيف ، فتكون اللام في قوله ( لإِيلافِ ) بمعنى إلى ، كأنه قيل : نعمة لنعمة وإلى نعمة ؛ لأن إلى موضع اللام ، واللام موضع إلى . وقد قال معنى هذا القول بعض أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { إيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشّتاءِ وَالصّيْفِ } قال : إيلافهم ذلك ، فلا يشقّ عليهم رحلة شتاء ولا صيف .
حدثني إسماعيل بن موسى السديّ ، قال : أخبرنا شريك ، عن إبراهيم بن المهاجر ، عن مجاهد { لإيلافِ قُرَيْشٍ } قال : نعمتي على قريش .
حدثني محمد بن عبد الله الهلاليّ ، قال : حدثنا فَرْوة بن أبي المَغْراء الكِندّي ، قال : حدثنا شريك ، عن إبراهيم بن المهاجر ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا عمرو بن عليّ ، قال : حدثنا عامر بن إبراهيم الأصبهانيّ ، قال : حدثنا خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة ، قال : ثني أبي ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس ، في قوله : { لإيلافِ قُرَيْشٍ } قال : نعمتي على قريش .
وكان بعض نحويي الكوفة يقول : قد قيل هذا القول ، ويقال : إنه تبارك وتعالى عجّب نبيه صلى الله عليه وسلم فقال : اعجب يا محمد لنِعَم الله على قريش ، في إيلافهم رحلة الشتاء والصيف . ثم قال : فلا يتشاغلوا بذلك عن الإيمان واتباعك ، يستدل بقوله : { فَلْيَعْبُدُوا رَبّ هَذَا الْبَيْتِ } .
وكان بعض أهل التأويل يوجّه تأويل قوله : { لإيلافِ قُرَيْشٍ } إلى أُلفة بعضهم بعضا . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : { لإيلافِ قُرَيْشٍ } فقرأ : { ألَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبّكَ بِأصحَابِ الْفِيلِ } إلى آخر السورة ، قال : هذا لإيلاف قريش ، صنعت هذا بهم لألفة قريش ، لئلا أفرّق أُلفتهم وجماعتهم ، إنما جاء صاحب الفيل ليستبيد حريمهم ، فصنع الله ذلك .
والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن هذه اللام بمعنى التعجب . وأن معنى الكلام : اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف ، وتركهم عبادة ربّ هذا البيت ، الذي أطعمهم من جوع ، وآمنهم من خوف ، فليعبدوا ربّ هذا البيت ، الذي أطعمهم من جوع ، وآمنهم من خوف . والعرب إذا جاءت بهذه اللام ، فأدخلوها في الكلام للتعجب ، اكتفوا بها دليلاً على التعجب من إظهار الفعل الذي يجلبها ، كما قال الشاعر :
أغَرّكَ أنْ قالُوا لِقُرّةَ شاعِرا *** فيالأَباهُ مِنْ عَرِيفٍ وَشاعِرِ
فاكتفى باللام دليلاً على التعجب من إظهار الفعل ، وإنما الكلام : أغرّك أن قالوا : اعجبوا لقرّة شاعرا ، فكذلك قوله : لإيلافِ .
وأما القول الذي قاله من حَكينا قوله ، أنه من صلة قوله : { فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مأْكُولٍ } فإن ذلك لو كان كذلك ، لوجب أن يكون «لإيلاف » بعض «ألم تر » ، وأن لا تكون سورة منفصلة من «ألم تر » ، وفي إجماع جميع المسلمين على أنهما سورتان تامّتان كلّ واحدة منهما منفصلة عن الأخرى ، ما يبين عن فساد القول الذي قاله من قال ذلك . ولو كان قوله : { لإيلافِ قُرَيْشٍ } من صلة قوله : { فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مأكُولٍ } لم تكن «ألم تر » تامّة حتى توصلَ بقوله : { لإيلافِ قُرَيْشٍ } لأن الكلام لا يتمّ إلاّ بانقضاء الخبر الذي ذُكر . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : «إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشّتاءِ وَالصّيْفِ » يقول : لزومهم .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : { لإيلافِ قُرَيْشٍ } قال : نهاهم عن الرحلة ، وأمرهم أن يعبدوا ربّ هذا البيت ، وكفاهم المؤنة ، وكانت رحلتهم في الشتاء والصيف ، فلم يكن لهم راحة في شتاء ولا صيف ، فأطعمهم بعد ذلك من جوع ، وآمنهم من خوف ، وألفوا الرحلة ، فكانوا إذا شاءوا ارتحلوا ، وإذا شاءوا أقاموا ، فكان ذلك من نعمة الله عليهم .
حدثني محمد بن المثنى ، قال : ثني ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا داود ، عن عكرِمة قال : كانت قريش قد ألفوا بُصْرَى واليمن ، يختلفون إلى هذه في الشتاء ، وإلى هذه في الصيف { فَلْيَعْبُدُوا رَبّ هَذا الْبَيْتِ } فأمرهم أن يقيموا بمكة .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح { لإيلافِ قُرَيْشٍ إيلافِهِمْ } قال : كانوا تجارا ، فعلم الله حبهم للشام .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { لإيلافِ قُرَيْشٍ } قال : عادة قريش عادتهم رحلة الشتاء والصيف .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { لإيلافِ قُرَيْشٍ } كانوا ألفوا الارتحال في القيظ والشتاء .
سميت هذه السورة في عهد السلف { سورة لإيلاف قريش } قال عمرو بن ميمون الأودي صلى عمر بن الخطاب المغرب فقرأ في الركعة الثانية { ألم تر كيف } و{ لإيلاف قريش } وهذا ظاهر في إرادة التسمية ولم يعدها في الإتقان في السور التي لها أكثر من اسم .
وسميت في المصاحف وكتب التفسير { سورة قريش } لوقوع اسم قريش فيها ولم يقع في غيرها ، وبذلك عنونها البخاري في صحيحه .
والسورة مكية عند جماهير العلماء . وقال ابن عطية : بلا خلاف . وفي القرطبي عن الكلبي والضحاك أنها مدنية ، ولم يذكرها في الإتقان مع السور المختلف فيها .
وقد عدت التاسعة والعشرين في عداد نزول السور ، نزلت بعد سورة التين وقبل سورة القارعة .
وهي سورة مستقلة بإجماع المسلمين على أنها سورة خاصة .
وجعلها أبي بن كعب مع سورة الفيل سورة واحدة ولم يفصل بينهما في مصحفه بالبسملة التي كانوا يجعلونها علامة فصل بين السور ، وهو ظاهر خبر عمرو بن ميمون عن قراءة عمر بن الخطاب . والإجماع الواقع بعد ذلك نقض ذلك .
وعدد آياتها أربع عند جمهور العادين . وعدها أهل مكة والمدينة خمس آيات .
ورأيت في مصحف عتيق من المصاحف المكتوبة في القيروان عددها أربع آيات مع أن قراءة أهل القيروان قراءة أهل المدينة .
أمر قريش بتوحيد الله تعالى بالربوبية تذكيرا لهم بنعمة أن الله مكن لهم السير في الأرض للتجارة برحلتي الشتاء والصيف لا يخشون عاديا يعدو عليهم .
وبأنه أمنهم من المجاعات وأمنهم من المخاوف لما وقر في نفوس العرب من حرمتهم لأنهم سكان الحرم وعمار الكعبة .
وبما ألهم الناس من جلب الميرة إليهم من الآفاق المجاورة كبلاد الحبشة .
ورد القبائل فلا يغير على بلدهم أحد قال تعالى { أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون } فأكسبهم ذلك مهابة في نفوس الناس وعطفا منهم .
افتتاح مُبدع إذ كان بمجرور بلام التعليل وليس بإثْره بالقرب ما يصلح للتعليق به ففيه تشويق إلى متعلق هذا المجرور . وزاده الطول تشويقاً إذ فصل بينه وبين متعلَّقه ( بالفتح ) بخمس كلمات ، فيتعلق { لإيلاف } بقوله : { فليعبدوا } .
وتقديم هذا المجرور للاهتمام به إذ هو من أسباب أمرهم بعبادة الله التي أعرضوا عنها بعبادة الأصنام والمجرور متعلق بفعل « ليعبدوا » .
وأصل نظم الكلام : لتَعْبُدْ قريشٌ ربَّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف ، فلما اقتضى قصدُ الاهتمام بالمعمول تقديمه على عامله ، تولَّدَ من تقديمه معنى جعله شرطاً لعامله فاقترن عامله بالفاء التي هي من شأن جواب الشرط ، فالفاء الداخلة في قوله : { فليعبدوا } مؤذنة بأن ما قبلها في قوة الشرط ، أي مؤذنة بأن تقديم المعمول مقصود به اهتمام خاص وعناية قوية هي عناية المشترط بشرطه ، وتعليق بقية كلامه عليه لما ينتظره من جوابه ، وهذا أسلوب من الإِيجاز بديع .
قال في « الكشاف » : دخلت الفاء لما في الكلام من معنى الشرط لأن المعنى إمَّا لاَ فليعبدوه لإِيلافهم ، أي أن نعم الله عليهم لا تحصى فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لهذه الواحدة التي هي نعمة ظاهرة اه .
وقال الزجاج في قوله تعالى : { وربك فكبر } [ المدثر : 3 ] دخلت الفاء لمعنى الشرط كأنه قيل : وما كان فلا تَدَعْ تكبيره اه . وهو معنى ما في « الكشاف » . وسكتا عن منشإ حصول معنى الشرط وذلك أن مثل هذا جار عند تقديم الجار والمجرور ، ونحوه من متعلقات الفعل وانظر قوله تعالى : { وإياي فارهبون } في سورة البقرة ( 40 ) ، ومنه قوله تعالى : { فبذلك فليفرحوا } في سورة يونس ( 58 ) وقوله : { فلذلك فادع واستقم } في سورة الشورى ( 15 ) . وقول النبي للذي سأله عن الجهاد فقال له : ألك أبوان ؟ فقال : نعم . قال : ففيهما فجاهدْ .
ويجوز أن تجعل اللام متعلقة بفعل ( اعْجَبوا ) محذوفاً ينبىء عنه اللام لكثرة وقوع مجرور بها بعد مادة التعجب ، يقال : عجباً لك ، وعجباً لتلك قضية ، ومنه قول امرىء القيس : فيا لَكَ من ليل لأن حرف النداء مراد به التعجب فتكون الفاء في قوله : { فليعبدوا } تفريعاً على التعجيب .
وجوّز الفراء وابن إسحاق في « السيرة » أن يكون { لإيلاف قريش } متعلقاً بما في سورة الفيل ( 5 ) من قوله : { فجعلهم كعصف مأكول } قال القرطبي : وهو معنى قول مجاهد ورواية ابن جبير عن ابن عباس . قال الزمخشري : وهذا بمنزلة التضمين في الشعر وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله تعلقاً لا يصح إلاّ به اه . يعنون أن هذه السورة وإن كانت سورة مستقلة فهي ملحقة بسورة الفيل فكما تُلحق الآية بآية نزلت قبلها ، تلحق آيات هي سورة فتتعلق بسورة نزلت قبلها .
والإِيلاف : مصدر أألف بهمزتين بمعنى ألف وهما لغتان ، والأصل هو ألف ، وصيغة الإِفعال فيه للمبالغة لأن أصلها أن تدل على حصول الفعل من الجانبين ، فصارت تستعمل في إفادة قوة الفعل مجازاً ، ثم شاع ذلك في بعض الأفعال حتى ساوى الحقيقة مثل سَافَر ، وعافَاه الله ، وقاتَلَهُم الله .
وقرأه الجمهور في الموضعين { لإيلاف } بياء بعد الهمزة وهي تخفيف للهمزة الثانية . وقرأ ابن عامر « لإلاف » الأول بحذف الياء التي أصلها همزة ثانية ، وقرأه { إيلافهم } بإثبات الياء مثل الجمهور . وقرأ أبو جعفر « لِيلاَف قريش » بحذف الهمزة الأولى . وقرأ « إلافهم » بهمزة مكسورة من غير ياء .
وذكر ابن عطية والقرطبي أن أبا بكر عن عاصم قرأ بتحقيق الهمزتين في « لإِأَلاَفِ » وفي « إِأَلافهم » ، وذكر ابن عطية عن أبي علي الفارسي أن تحقيق الهمزتين لا وجه له . قلت : لا يوجد في كتب القراءات التي عرفناها نسبة هذه القراءة إلى أبي بكر عن عاصم . والمعروف أن عاصماً موافق للجمهور في جعل ثانية الهمزتين ياء ، فهذه رواية ضعيفة عن أبي بكر عن عاصم .
وقد كُتب في المصحف « إلافهم » بدون ياء بعد الهمزة وأما الألف المدّة التي بعد اللام التي هي عين الكلمة فلم تكتب في الكلمتين في المصحف على عادة أكثر المدَّات مثلها ، والقراءات روايات وليس خط المصحف إلا كالتذكرة للقارىء ، ورسم المصحف سُنّة متَّبعة سنَّها الصحابة الذين عُيّنوا لنسخ المصاحف وإضافة « إيلاف » إلى { قريش } على معنى إضافة المصدر إلى فاعله وحذف مفعوله لأنه هنا أطلق بالمعنى الاسمي لتلك العادة فهي إضافة معنوية بتقدير اللام .
وقريش : لقب الجد الذي يجمع بطوناً كثيرة وهو فهر بن مالك بن النضر بن كِنانة . هذا قول جمهور النّسابين وما فوق فِهر فهم من كنانة ، ولُقِّب فهرٌ بلقب قريش بصيغة التصغير وهو على الصحيح تصغير قَرْش ( بفتح القاف وسكون الراء وشين معجمة ) اسم نوع من الحوت قوي يعدو على الحيتان وعلى السفن .
وقال بعض النسابين : إن قريشاً لقب النضر بن كنانة . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه سئل منْ قريشٌ ؟ فقال : مَنْ وَلَدَ النضْرُ " . وفي رواية أنه قال : " إنّا وَلَدُ النضر بن كنانة لا نقفو أمَّنا ولا ننتفي من أبينا " . فجميع أهل مكة هم قريش وفيهم كانت مناصب أهل مكة في الجاهلية موزعة بينهم وكانت بنو كنانة بخِيف منى . ولهم مناصب في أعمال الحج خاصة منها النَّسِيء .