تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ أَيَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا} (139)

{ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ْ }

البشارة تستعمل في الخير ، وتستعمل في الشر بقيد كما في هذه الآية . يقول تعالى : { بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ ْ } أي : الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر ، بأقبح بشارة وأسوئها ، وهو العذاب الأليم ، وذلك بسبب محبتهم الكفار وموالاتهم ونصرتهم ، وتركهم لموالاة المؤمنين ، فأي شيء حملهم على ذلك ؟ أيبتغون عندهم العزة ؟

وهذا هو الواقع من أحوال المنافقين ، ساء ظنهم بالله وضعف يقينهم بنصر الله لعباده المؤمنين ، ولحظوا بعض الأسباب التي عند الكافرين ، وقصر نظرهم عمّا وراء ذلك ، فاتخذوا الكافرين أولياء يتعززون بهم ويستنصرون .

والحال أن العزة لله جميعا ، فإن نواصي العباد بيده ، ومشيئته نافذة فيهم . وقد تكفل بنصر دينه وعباده المؤمنين ، ولو تخلل ذلك بعض الامتحان لعباده المؤمنين ، وإدالة العدو عليهم إدالة غير مستمرة ، فإن العاقبة والاستقرار للمؤمنين ، وفي هذه الآية الترهيب العظيم من موالاة الكافرين ؛ وترك موالاة المؤمنين ، وأن ذلك من صفات المنافقين ، وأن الإيمان يقتضي محبة المؤمنين وموالاتهم ، وبغض الكافرين وعداوتهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ أَيَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا} (139)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ الّذِينَ يَتّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزّةَ فَإِنّ العِزّةَ للّهِ جَمِيعاً } . .

أما قوله جلّ ثناؤه : { الّذِينَ يَتّخذُونَ الكافِرِينَ أوْلِياءَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ } فمن صفة المنافقين . يقول الله لنبيه : يا محمد ، بشر المنافقين الذين يتخذون أهل الكفر بي والإلحاد في ديني أولياء : يعني أنصارا وأخلاء من دون المؤمنين ، يعني : من غير المؤمنين . { أيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ العزّةَ } يقول : أيطلبون عندهم المنعة والقوّة باتخاذهم إياهم أولياء من دون أهل الإيمان بي . { فإنّ العِزّةِ لِلّهِ جَميعا } يقول : فإن الذين اتخذوهم من الكافرين أولياء ابتغاء العزّة عندهم ، هم الأذلاء الأقلاّء ، فهلاّ اتخذوا الأولياء من المؤمنين ، فيلتمسوا العزّة والمنعة والنصرة من عند الله ، الذي له العزّة والمنعة ، الذي يعزّ من يشاء ، ويذلّ من يشاء فيعزّهم ويمنعهم ؟ وأصل العزّة : الشدّة¹ ومنه قيل للأرض الصلبة الشديدة : عزاز ، وقيل : قد اسْتِعزّ على المريض : إذا اشتدّ مرضه وكاد يُشْفِي ، ويقال : تعزّز اللحم : إذا اشتدّ¹ ومنه قيل : عزّ عليّ أن يكون كذا وكذا ، بمعنى : اشتدّ عليّ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ أَيَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا} (139)

{ الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين } في محل النصب ، أو الرفع على الذم بمعنى أريد الذين أو هم الذين . { أيبتغون عندهم العزة } أيتعززون بموالاتهم . { فإن العزة لله جميعا } لا يتعزز إلا من أعزه الله ، وقد كتب العزة لأوليائه فقال { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } ولا يؤبه بعزة غيرهم بالإضافة إليهم .