البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ أَيَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا} (139)

{ الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين } أي : اليهود والنصارى ومشركي العرب أولياء أنصاراً ومعينين يوالونهم على الرسول والمؤمنين ، ونص من صفات المنافقين على أشدها ضرراً على المؤمنين وهي : موالاتهم الكفار ، واطراحهم المؤمنين ، ونبه على فساد ذلك ليدعه من عسى أن يقع في نوع منه من المؤمنين غفلة أو جهالة أو مسامحة .

والذين : نعت للمنافقين ، أو نصب على الذم ، أو رفع على خبر المبتدأ .

أي : هم الذين .

{ أيبتغون عندهم العزة } أي : الغلبة والشدّة والمنعة بموالاتهم ، وقول بعضهم لبعض : لا يتم أمر محمد .

وفي هذا الاستفهام تنبيه على أنهم لا عزة لهم فكيف تبتغي منهم ؟ وعلى خبث مقصدهم .

وهو طلب العزة بالكفار والاستكثار بهم .

{ فإن العزة لله جميعاً } أي لأوليائه الذين كتب لهم العز والغلبة على اليهود وغيرهم .

قال تعالى : { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز } وقال : { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون } وقال تعالى : { من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً } والفاء في فإن العزة لله دخلت لما في الكلام من معنى الشرط ، والمعنى : أنْ تبتغوا العزة من هؤلاء فإن العزة ، وانتصب جميعاً على الحال .

/خ141