جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ أَيَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا} (139)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ الّذِينَ يَتّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزّةَ فَإِنّ العِزّةَ للّهِ جَمِيعاً } . .

أما قوله جلّ ثناؤه : { الّذِينَ يَتّخذُونَ الكافِرِينَ أوْلِياءَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ } فمن صفة المنافقين . يقول الله لنبيه : يا محمد ، بشر المنافقين الذين يتخذون أهل الكفر بي والإلحاد في ديني أولياء : يعني أنصارا وأخلاء من دون المؤمنين ، يعني : من غير المؤمنين . { أيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ العزّةَ } يقول : أيطلبون عندهم المنعة والقوّة باتخاذهم إياهم أولياء من دون أهل الإيمان بي . { فإنّ العِزّةِ لِلّهِ جَميعا } يقول : فإن الذين اتخذوهم من الكافرين أولياء ابتغاء العزّة عندهم ، هم الأذلاء الأقلاّء ، فهلاّ اتخذوا الأولياء من المؤمنين ، فيلتمسوا العزّة والمنعة والنصرة من عند الله ، الذي له العزّة والمنعة ، الذي يعزّ من يشاء ، ويذلّ من يشاء فيعزّهم ويمنعهم ؟ وأصل العزّة : الشدّة¹ ومنه قيل للأرض الصلبة الشديدة : عزاز ، وقيل : قد اسْتِعزّ على المريض : إذا اشتدّ مرضه وكاد يُشْفِي ، ويقال : تعزّز اللحم : إذا اشتدّ¹ ومنه قيل : عزّ عليّ أن يكون كذا وكذا ، بمعنى : اشتدّ عليّ .