روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ أَيَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا} (139)

{ الذين يَتَّخِذُونَ الكافرين أَوْلِيَاء } في موضع النصب أو الرفع على الذم على معنى أريد بهم الذين أو هم الذين ، ويجوز أن يكون منصوباً على اتباع المنافقين ولا يمنع منه وجود الفاصل فقد جوزه العرب ، والمراد بالكافرين قيل : اليهود ، وقيل : مشركو العرب ، وقيل : ما يعم ذلك والنصارى ، وأيد الأول بما روي أنه كان يقول بعضهم لبعض : إن أمر محمد صلى الله عليه وسلم لا يتم فتولوا اليهود . { مِن دُونِ المؤمنين } أي متجاوزين ولاية المؤمنين ، وهو حال من فاعل { يَتَّخِذُونَ } .

{ أَيَبْتَغُونَ } أي المنافقون { عِندَهُمُ } أي الكافرين { العزة } أي القوة والمنعة وأصلها الشدة ، ومنه قيل للأرض الصلبة : عزاز ، والاستفهام للإنكار ، والجملة معترضة مقررة لما قبلها ، وقيل : للتهكم ، وقيل : للتعجب . { فَإِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً } أي أنها مختصة به تعالى يعطيها من يشاء وقد كتبها سبحانه لأوليائه فقال عز شأنه : { وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [ المنافقون : 8 ] والجملة تعليل لما يفيده الاستفهام الإنكاري من بطلان رأيهم وخيبة رجائهم . وقيل : بيان لوجه التهكم أو التعجب ، وقيل : إنها جواب شرط محذوف أي إن يبتغوا العزة من هؤلاء فإن العزة الخ ، وهي على هذا التقدير قائمة مقام الجواب لا أنها الجواب حقيقة ، و { جَمِيعاً } قيل : حال من الضمير في الجار والمجرور لاعتماده على المبتدأ ، وليس في الكلام مضاف أي لأولياء كما زعمه البعض .

( هذا ومن باب الإشارة ) :{ الذين يَتَّخِذُونَ الكافرين أَوْلِيَاء } لمناسبتهم إياهم وشبيه الشيء من منجذب إليه { مِن دُونِ المؤمنين } لعدم الجنسية { أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ العزة } أي أيطلبون التعزز بهم في الدنيا والتقوي بمالهم وجاههم

{ فَإِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً } [ النساء : 139 ] فلا سبيل لهم إليها إلا منه سبحانه عز وجل ، ثم ذكر سبحانه من وصف المنافقين أنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى لعدم شوقهم إلى الحضور ونفورهم عنه لعدم استعدادهم واستيلاء الهوى عليهم