لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ أَيَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا} (139)

من اعتصم بمخلوقٍ فقد التجأ إلى غير مُجير ، واستند إلى غير كهفٍ ، وسقط في مهواة من الغلط بعيد قعرها ، شديد مكرها . أيبتغون العِزَّ عند الذي أصابه ذلّ التكوين ؟ ! متى يكون له عزٌّ على التحقيق ؟ ومَنْ لا عزَّ له يلزمه فكيف يكون له عز يتعدَّى إلى غيره ؟

ويقال لا ندري أي حالتهم أقبح : طلب العز وهم في ذل القهر وأسر القبضة أم حسبان ذلك وتوهمه من غير الله ؟

ويقال مَنْ طَلَبَ الشيء من غير وجهه فالإخفاق غاية جهده ، ومن رام الغنى في مواطن الفاقة فالإملاق قصارى كدِّه .

ويقال لو هُدُوا بوجدان العِزِّ لما صُرِفَتْ قُصُودُهم إلى من ليس بيده شيء من الأمر .

قوله : { فَإِنَّ العِزَّةَ للهِ جَمِيعًا } العزُّ على قسمين : عزٌّ قديمٌ فهو لله وصفاً ، وعزٌّ حادثٌ يختص به سبحانه من يشاء فهو له - تعالى - مِلْكاً ومنه لطفاً .