فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ أَيَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا} (139)

وقوله : { الذين يَتَّخِذُونَ الكافرين أَوْلِيَاء } وصف للمنافقين ، أو منصوب على الذمّ ، أي : يجعلون الكفار أولياء لهم يوالونهم على كفرهم ، ويمالئونهم على ضلالهم . وقوله : { مِن دُونِ المؤمنين } في محل نصب على الحال ، أي : يوالون الكافرين متجاوزين ولاية المؤمنين { أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ العزة } هذا الاستفهام للتقريع والتوبيخ ، والجملة معترضة . قوله : { فَإِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً } هذه الجملة تعليل لما تقدّم من توبيخهم بابتغاء العزّة عند الكافرين ، وجميع أنواع العزّة ، وأفرادها مختص بالله سبحانه ، وما كان منها مع غيره ، فهو من فيض ، وتفضله كما في قوله : { وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [ المنافقون : 8 ] والعزة : الغلبة . يقال عزّه يعزّه عزّا : إذا غلبه : { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى الكتاب } الخطاب لجميع من أظهر الإيمان من مؤمن ومنافق ؛ لأن من أظهر الإيمان ، فقد لزمه أن يمتثل ما أنزله الله ؛ وقيل إنه خطاب للمنافقين فقط كما يفيده التشديد والتوبيخ . وقرأ عاصم ، ويعقوب : { نزل } بفتح النون والزاي وتشديدها ، وفاعله ضمير راجع إلى اسم الله تعالى في قوله : { فَإِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً } . وقرأ حميد بتخفيف الزاي مفتوحة مع فتح النون ، وقرأ الباقون بضم النون مع كسر الزاي مشدّدة على البناء للمجهول .

/خ141