تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة القدر [ وهي ] مكية .

{ 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ }

يقول تعالى مبينًا لفضل القرآن وعلو قدره : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } كما قال تعالى : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } وذلك أن الله [ تعالى ] ، ابتدأ بإنزاله{[1461]}  في رمضان [ في ] ليلة القدر ، ورحم الله بها العباد رحمة عامة ، لا يقدر العباد لها شكرًا .

وسميت ليلة القدر ، لعظم قدرها وفضلها عند الله ؛ ولأنه يقدر فيها ما يكون في العام من الأجل والأرزاق والمقادير القدرية .


[1461]:- في ب: ابتدأ بإنزال القرآن.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة القدر

مقدمة وتمهيد

1- سورة " القدر " من السور المكية عند أكثر المفسرين ، وكان نزولها بعد سورة " عبس " ، وقبل سورة " الشمس " ، فهي السورة الخامسة والعشرون في ترتيب النزول ، ويرى بعض المفسرين أنها من السور المدنية ، وأنها أول سورة نزلت بالمدينة .

قال الآلوسي : قال أبو حيان : مدنية في قول الأكثر ، وحكى الماوردي عكسه . وذكر الواحدي أنها أول سورة نزلت بالمدينة . وقال الجلال في الإتقان : فيها قولان ، والأكثر أنها مكية . . ( {[1]} ) وعدد آياتها خمس آيات ، ومنهم من عدها ست آيات . والأول أصح وأرجح .

والسورة الكريمة من أهم مقاصدها : التنويه بشأن القرآن ، والإعلاء من قدره ، والرد على من زعم أنه أساطير الأولين ، وبيان فضل الليلة التي نزل فيها ، وتحريض المسلمين على إحيائها بالعبادة والطاعة لله رب العالمين .

الضمير المنصوب فى قوله - تعالى - { أَنزَلْنَاهُ } يعود إلى القرآن الكريم ، وفى الإِتيان بهذا الضمير للقرآن ، مع أنه لم يجر له ذكر ، تنويه بشأنه ، وإيذان بشهرة أمره ، حتى إنه ليُسْتَغْنَى عن التصريح به ، لحضوره فى أذهان المسلمين .

والمراد بإنزاله : ابتداء نزوله على النبى صلى الله عليه وسلم ، لأنه من المعروف أن القرآن الكريم قد نزل على النبى صلى الله عليه سولم منجما ، فى مدة ثلاث وعشرين سنة تقريبا .

ويصح أن يكون المراد بأنزلناه ، أى : أنزلناه جملة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا ، ثم نزل بعد ذلك منجما على النبى صلى الله عليه وسلم .

قال الإِمام ابن كثير : قال ابن عباس وغيره : أنزل الله - تعالى - القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع ، فى ثلاث وعشرين سنة ، على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والقَدْر الذى أضيفت إليه الليلة ، بمعنى الشرف والعظمة ، مأخوذ من قولهم : لفلان قدر عند فلان ، أى : له منزلة رفيعة ، وشرف عظيم ، فسميت هذه الليلة بذلك ، لعظم قدرها وشرفها ، إذ هى الليلة التى نزل فيها قرآن ذو قدر ، بواسطة ملك ذى قدر ، على رسول ذى قدر ، لأجل إكرام أمه ذات قدر ، هذه الأمة يزداد قدرها وثوابها عند الله - تعالى - إذا ما أحيوا تلك الليلة بالعبادات والطاعات .

ويصح أن يكون المراد بالقدر هنا : التقدير ، لأن الله - تعالى - يقدر فيها ما يشاء تقديره بعباده ، إلا أن القول الأول أظهر ، لأن قوله - سبحانه - بعد ذلك : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القدر } يفيد التعظيم والتفخيم .

أى : إنا ابتدأنا بقدرتنا وحكمتنا ، إنزال هذا القرآن العظيم ، على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فى ليلة القدر ، التى لها ما لها عندنا من قدر وشرف وعظم . . لأن للطاعات فيها قدرا كبيرا ، وثوابا جزيلا .

وليلة القدر هذه هى الليلة التى قال الله - تعالى - فى شأنها فى سورة الدخان : { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ . فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ . أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ . رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السميع العليم } وهذه الليلة هى من ليالى شهر رمضان ، بدليل قوله - تعالى - : { شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهدى والفرقان } قال بعض العلماء : ومن تسديد ترتيب المصحف ، أن سورة القدر وضعت عقب سورة العلق ، مع أنها أقل عددَ آياتٍ من سورة البينة وسور بعدها ، وكأن ذلك إيماء إلى أن الضمير فى { أنزلناه } يعود إلى القرآن ، الذى ابتدئ نزوله بسورة العلق .

وقال صاحب الكشاف : عظم - سبحانه - القرآن من ثلاثة أوجه : أحدها : أن أسند إنزاله إليه ، وجعله مختصا به دون غيره ، والثانى : أنه جاء بضميره دون اسمه الظاهر ، شهادة له بالنباهة والاستغناء عن التنبيه عليه ، والثالث : الرفع من مقدار الوقت الذي أنزل فيه .

رُوي أنه جملة واحدة فى ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ، وأملاه جبريل على السفرة ، ثم كان ينزل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم نجوما فى ثلاث وعشرين سنة .

وعن الشعبى : المعنى أنا ابتدأنا إنزاله فى ليلة القدر .


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة القدر مخلتف فيها ، وآيها خمس آيات .

بسم الله الرحمن الرحيم { إنا أنزلناه في ليلة القدر } الضمير للقرآن فخمه بإضماره من غير ذكر شهادة له بالنباهة المغنية عن التصريح .