تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّهِۦ كَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُم} (14)

{ 14 } { أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ }

أي : لا يستوي من هو على بصيرة من أمر دينه ، علما وعملا ، قد علم الحق واتبعه ، ورجا ما وعده الله لأهل الحق ، كمن هو أعمى القلب ، قد رفض الحق وأضله ، واتبع هواه بغير هدى من الله ، ومع ذلك ، يرى أن ما هو عليه من الحق ، فما أبعد الفرق بين الفريقين ! وما أعظم التفاوت بين الطائفتين ، أهل الحق وأهل الغي{[786]} !


[786]:- زيادة من هامش ب بخط المؤلف -رحمه الله-.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّهِۦ كَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُم} (14)

ثم واصلت السورة الكريمة حديثها فى الموازنة والمقارنة بين حال المؤمنين وحال الكافرين . فقال - تعالى - : { أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَةٍ . . . فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ } .

والاستفهام فى قوله - تعالى - : { أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ } للإِنكار والنفى ، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه السياق ، و " من " مبتدأ ، والخبر قوله { كَمَن زُيِّنَ لَهُ سواء عَمَلِهِ } . والبينة : ما يتبين به الحق من كل شئ ، كالنصوص الصحيحة فى النقليات والبراهين السليمة فى العقليات .

والمراد بمن كان على بينة من ربه : الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه ، والمراد بمن زين له سوء عمله ، واتبعوا أهوائهم : المشركون الذين استحبوا العمى على الهدى .

والمعنى : أفمن كان على بينة من أمر ربه ، وعلى طريقة سليمة من هديه ، يستوى مع من كان على ضلالة من أمره ، بأن ارتكب الموبقات مع توهمه بأ ، ها حسنات ، واتبع هواه دون أن يفرق بين القبيح والحسن ؟ لا شك أنهما لا يستويان فى عقل أى عاقل . فإن الفريق الأول مهتد فى منهجه وسلوكه ، والفريق الثانى فى النقيض منه .