نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّهِۦ كَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُم} (14)

ولما كان هذا دليلاً شهودياً بعد الأدلة العقلية على ما تقدم الوعد به ، سبب عنه{[59486]} الإنكار عليهم فقال : { أفمن كان } أي في جميع أحواله { على بينة } أي حالة ظاهرة البيان في أنها حق { من ربه } المربي المدبر له المحسن إليه بما يقيم من الأدلة التي تعجز{[59487]} الخلائق أجمع{[59488]} عن أن يأتوا بواحد منها فبصر سوء عمله وأريه على حقيقته{[59489]} فرآه سيئاً فاجتنبه مخالفاً لهواه ، قال القشيري : العلماء في ضياء برهانهم والعارفون في ضياء بيانهم . { كمن زين له } بتزيين الشيطان بتسليطنا له عليه وخلقنا للآثار بأيسر أمر { سوء عمله } من شرك أو معصية دونه .

ولما كان التقدير : فرآه حسناً فعمله ملازماً له ، فكان على عمى وضلال ، وكان{[59490]} قد أفرد الضمير لقبول " من " له من جهة لفظها ، جمع رداً على معناها بتعميم القبح مثنى وفرادى ، وإشارة إلى أن-{[59491]} القبيح يكون أولاً{[59492]} قليلاً جداً{[59493]} ، فمتى غفل عنه فلم تحسم مادته دب وانتشر{[59494]} فقال عاطفاً على ما-{[59495]} قدرته : { {[59496]}واتبعوا{[59497]} أهواءهم * } فلا شبهة لهم في شيء من أعمالهم السيئة فضلاً عن دليل ، والآية من الاحتباك ذكر البينة أولاً دليلاً على ضدها ثانياً ، والتزيين و{[59498]}اتباع الهوى ثانياً-{[59499]} دليلاً على ضدهما أولاً ، وسره أنه ذكر الأصل الجامع للخير ترغيباً والأصل الجامع للشر ترهيباً .


[59486]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: منه.
[59487]:زيد في الأصل: عنها، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59488]:سقط من ظ و م ومد.
[59489]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: حقيقة.
[59490]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: كأنه.
[59491]:زيد من ظ و م ومد.
[59492]:زيد في الأصل: أهواءهم أي،ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59493]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: جديد.
[59494]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: البس.
[59495]:زيد من م ومد.
[59496]:وقع ما بين الرقمين في الأصل بعد"يكون أولا" والترتيب من ظ و م ومد.
[59497]:وقع ما بين الرقمين في الأصل بعد"يكون أولا" والترتيب من ظ و م ومد.
[59498]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: من.
[59499]:زيد من ظ و م ومد.