روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّهِۦ كَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُم} (14)

{ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ } تقرير لتباين حال الفريقين المؤمنين والكافرين وكون الأولين في أعلى عليين والآخرين في أسفل سافلين وبيان لعلة ما لكل منهما من الحال ، والهمزة لإنكار استوائهما أو لإنكار كون الأمر ليس كما ذكر ، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام وقد قرئ بدونها ، و { مِنْ } عبارة عن المؤمنين المتمسكين بأدلة الدين كما أنها في قوله تعالى : { كَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ } عبارة عن أضدادهم من المشركين .

وأخرج جماعة عن ابن عباس أن { مَن كَانَ * على بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ } هو رسول الله صلى الله عليه وسلم و { مّن زِينَةِ * لَهُ سُوء عَمَلِهِ } هم المشركون ، وروى عن قتادة نحوه وإليه ذهب الزمخشري . وتعقب بأن التخصيص لا يساعده النظم الكريم ولا داعي إليه ، وقيل : ومثله كون { مِنْ } الأولى عبارة عنه صلى الله عليه وسلم وعن المؤمنين ، والمعنى أيستوي الفريقان أو أليس الأمر كما ذكر فمن كان ثابتاً على حجة ظاهرة وبرهان نير من مالك أمره ومربيه وهو القرآن العظيم وسائر المعجزات والحجج العقلية كمن زين له الشيطان عمله السيء من الشرك وسائر المعاصي كإخراجك من قريتك مع كون ذلك في نفسه أقبح القبائح { واتبعوا } في ذلك العمل السيء ، وقيل : بسبب ذلك التزيين { أَهْوَاءهُمْ } الزائغة من غير أن يكون لهم شبهة توهم صحة ما هم عليه فضلاً عن حجة تدل عليها . وجمع الضميرين الأخيرين باعتبار معنى { مِنْ } كما أن افراد الأولين باعتبار لفظها .