تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۡهَٰرٗاۖ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ جَعَلَ فِيهَا زَوۡجَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِۖ يُغۡشِي ٱلَّيۡلَ ٱلنَّهَارَۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (3)

{ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ } أي : خلقها للعباد ، ووسعها وبارك فيها ومهدها للعباد ، وأودع فيها من مصالحهم ما أودع ، { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ } أي : جبالا عظاما ، لئلا تميد بالخلق ، فإنه لولا الجبال لمادت بأهلها ، لأنها على تيار ماء ، لا ثبوت لها ولا استقرار إلا بالجبال الرواسي ، التي جعلها الله أوتادا لها .

{ و } جعل فيها { أَنْهَارًا } تسقي الآدميين وبهائمهم وحروثهم ، فأخرج بها من الأشجار والزروع والثمار خيرا كثيرا ولهذا قال : { وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ } أي : صنفين مما يحتاج إليه العباد .

{ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ } فتظلم الآفاق فيسكن كل حيوان إلى مأواه ويستريحون من التعب والنصب في النهار ، ثم إذا قضوا مأربهم من النوم غشي النهار الليل فإذا هم مصبحون منتشرون في مصالحهم وأعمالهم في النهار .

{ ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون }

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ } على المطالب الإلهية { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } فيها ، وينظرون فيها نظر اعتبار دالة على أن الذي خلقها ودبرها وصرفها ، هو الله الذي لا إله إلا هو ، ولا معبود سواه ، وأنه عالم الغيب والشهادة ، الرحمن الرحيم ، وأنه القادر على كل شيء ، الحكيم في كل شيء المحمود على ما خلقه وأمر به تبارك وتعالى .