الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۡهَٰرٗاۖ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ جَعَلَ فِيهَا زَوۡجَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِۖ يُغۡشِي ٱلَّيۡلَ ٱلنَّهَارَۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (3)

قوله : { وهو الذي مد الأرض } – إلى قوله – { يعقلون } {[35556]}[ 3-4 ] : المعنى : أن الله ، جل ذكره ، دلهم بعد/ أن بين آية السماوات والأرض ، أنه هو بسط الأرض طولا وعرضا {[35557]} .

قيل : إنها كانت مدورة فمدت {[35558]} .

{ وجعل فيها رواسي } ثابتة : أي : جبالا ، والرواسي جمع راسية ، وهي الثابتة {[35559]} ، وجعل فيها أنهارا للسقي ، والشرب ، والعسل ، وغير ذلك .

ثم قال تعالى : { ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين }[ 3 ] : أي : نوعين ، والزوج الواحد الذي له قرين ، والزوج : الصنف {[35560]} ، والنوع {[35561]} .

وقال أبو عبيدة ، والفراء : والمراد بالزوجين : الذكر والأنثى من كل صنف {[35562]} وهذا خلاف ظاهر النص ، لأنه تعالى ذكر الثمرات ، ولم يذكر الحيوان .

فالمعنى : من كل الثمرات جعل صنفين حلوا وحامضا ، وأحمر وأبيض ، ونحو ذلك {[35563]} ودليله قوله : { سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت } {[35564]} أي : خلق الأصناف كلها من نبات الأرض ومن غيرها .

ثم قال : { يغشي الليل النهار } : أي : يلبس الليل النهار ، فذلك كله فيه : آية لمن تفكر فيه ، واعتبر ، فعلم أن العبادة لا تصلح إلا لمن خلق هذه الأشياء ، ودبرها ، دون أن يملك ضرا ، ولا نفعا {[35565]} {[35566]} .


[35556]:في النسختين معا: تعقلون.
[35557]:انظر هذا التوجيه في: معاني الفراء 2/58، ومجاز القرآن 1/321.
[35558]:ط: فمدهل، وانظر القول في معاني الزجاج 3/137.
[35559]:انظر: جامع البيان 16/228، ومعاني الزجاج 3/137.
[35560]:ق: النصف. وهو تحريف.
[35561]:انظر: اللسان، (زوج).
[35562]:انظر: معاني الفراء 2/58، ومجاز القرآن 1/321.
[35563]:انظر هذا المعنى في: الجامع 9/185.
[35564]:يس: 35.
[35565]:هنا ينتهي السقط الطويل المبتدئ من الصفحة 3609 السطر الرابع.
[35566]:انظر هذا التوجيه بتمامه في: جامع البيان 16/330.