ولما ذكر الدلائل السماوية أتبعها بذكر الدلائل الأرضية فقال : { وَهُوَ الذي مَدَّ الأرض } قال الفراء : بسطها طولاً وعرضاً . وقال الأصمّ : إن المدّ : هو البسط إلى ما لا يدرك منتهاه ، وهذا المدّ الظاهر للبصر لا ينافي كريتها في نفسها لتباعد أطرافها { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ } أي : جبالاً ثوابت ، واحدها راسية لأن الأرض ترسو بها ، أي : تثبت . والإرساء : الثبوت . قال عنترة :
فصرت عارفة لذلك حرّة *** ترسو إذا نفس الجبانِ تطلع
أُحبها والذي أرسى قواعِده *** حتى إذا ظَهرت آياتُه بطنا
{ وأنهارا } أي : مياهاً جارية في الأرض فيها منافع الخلق ، أو المراد جعل فيها مجاري الماء { وَمِن كُلّ الثمرات جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثنين } من كل الثمرات متعلق بالفعل الذي بعده ، أي : جعل فيها من كل الثمرات { زوجين اثنين } ، الزوج يطلق على الاثنين ، وعلى الواحد المزاوج لآخر ، والمراد هنا بالزوج الواحد ، ولهذا أكد الزوجين بالاثنين لدفع توهم أنه أريد بالزوج هنا الاثنين ، وقد تقدّم تحقيق هذا مستوفى ، أي : جعل كل نوع من أنواع ثمرات الدنيا صنفين ، إما في اللونية : كالبياض والسواد ونحوهما ، أو في الطعمية كالحلو والحامض ونحوهما ، أو في القدر كالصغر والكبر ، أو في الكيفية كالحر والبرد . قال الفراء : يعني بالزوجين هنا : الذكر والأنثى . والأول أولى { يغشى الليل النهار } أي : يلبسه مكانه ، فيصير أسود مظلماً بعدما كان أبيض منيراً ، شبه إزالة نور الهدى بالظلمة بتغطية الأشياء الحسية بالأغطية التي تسترها ، وقد سبق تفسير هذه في الأعراف { إِنَّ فِي ذلك لآيات لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } أي : فيما ذكر من مدّ الأرض وإثباتها بالجبال ، وما جعله الله فيها من الثمرات المتزاوجة . وتعاقب النور والظلمة آيات بينة للناظرين المتفكرين المعتبرين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.