الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۡهَٰرٗاۖ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ جَعَلَ فِيهَا زَوۡجَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِۖ يُغۡشِي ٱلَّيۡلَ ٱلنَّهَارَۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (3)

والرَّواسِي : الثوابت وهي الجبال ، وفَواعِل الوصفُ لا يَطَّرِدُ إلاَّ في الإِناثِ ، إلاَّ أن المكسَّر ممَّا لا يَعْقِلُ يجري مَجْرى جمعِ الإِناث ، وأيضاً فقد كَثُرَ استعمالُه كالجوامِد فجُمِعَ كحائط وحوائط وكاهِل وكواهل . وقيل : هو جمعُ راسِيَة ، والهاء للمبالغة ، والرُّسُوُّ : الثبوت قال :

بهِ خالداتٌ ما يَرِمْنَ وهامِدٌ *** وَأشْعَثُ أَرْسَتْهُ الوَليدةُ بالفِهْرِ

قوله : { وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ } يجوز فيه ثلاثةُ أوجه ، أحدها : أَنْ يتعلَّقَ ب " جَعَل " بعده ، أي : وجعل فيها زوجين اثنين مِنْ كلٍ ، وهو ظاهر . والثاني : أَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من " اثنين " ؛ لأنه في الأصلِ صفةٌ له . والثالث : أن يَتِمَّ الكلامُ على قوله { وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ } فيتعلَّقَ ب " جَعَلَ " الأولى على أنه من عطفِ المفردات ، يعني عَطَفَ على معمول " جعل " الأولى ، تقديرُه : أنه جَعَلَ في الأرض كذا وكذا ومن كل الثمرات . قال أبو البقاء : " ويكون جَعَلَ الثاني مستأنفاً " .

و { يُغْشِي الْلَّيْلَ } تقدَّم الكلامُ فيه وهو : إمَّا مستأنفٌ وإمَّا حالٌ مِنْ فاعلِ الافعالِ قبله .