بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۡهَٰرٗاۖ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ جَعَلَ فِيهَا زَوۡجَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِۖ يُغۡشِي ٱلَّيۡلَ ٱلنَّهَارَۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (3)

قوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ } يعني : بسط الأرض من تحت الكعبة على الماء . وكانت تكفي بأهلها ، كما تكفي السفينة ، فأرساها الله بالجبال ، وهو قوله تعالى { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ } يعني : الجبال الثوابت من فوقها { وَأَنْهَاراً } يعني : خلق في الأرض أنهاراً { وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ } يعني : خلق فيها من ألوان الثمرات { جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ } يعني : خلق من كل شيء لونين من الثمار ، حلواً وحامضاً . ومن الحيوان ذكراً وأنثى .

{ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ } يعني : يعلو الليل على النهار ، ويعلو النهار على الليل ، واقتصر بذكر أحدهما ، إذا كان في الكلام دليل عليه . قرأ حمزة ، والكسائي ، وعاصم ، في رواية أبي بكر : { يُغَشِّي } بنصب الغين ، وتشديد الشين . وقرأ الباقون : بالجزم والتخفيف .

ثم بيّن أن ما ذكر من هذه الأشياء ، فيه برهان وعلامات لمن تفكر فيها فقال : { إِنَّ فِي ذَلِكَ } يعني : فيما ذكر من صنعه { لآيَاتٍ } يعني : لعبرات { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } في اختلاف الليل والنهار ، فيوحّدونه .