فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ} (2)

الوجل : الخوف والفزع ، والمراد أن حصول الخوف من الله . والفزع منه عند ذكره هو شأن المؤمنين الكاملي الإيمان المخلصين لله ، فالحصر باعتبار كمال الإيمان لا باعتبار أصل الإيمان .

قال جماعة من المفسرين : هذه الآية متضمنة للتحريض على طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما أمر به من قسمة الغنائم ، ولا يخفاك أن هذا وإن صح إدراجه تحت معنى الآية ، من جهة أن وجل القلوب عند الذكر وزيادة الإيمان عند تلاوة آيات الله يستلزمان امتثال ما أمر به سبحانه من كون الأنفال لله والرسول ، ولكن الظاهر أن مقصود الآية هو إثبات هذه المزية لمن كمل إيمانه من غير تقييد بحال دون حال ، ولا بوقت دون وقت ، ولا بواقعة دون واقعة .

والمراد من تلاوة آياته تلاوة الآيات المنزلة أو التعبير عن بديع صنعته ، وكمال قدرته في آياته التكوينية بذكر خلقها البديع وعجائبها التي يخشع عند ذكرها المؤمنون . قيل والمراد بزيادة الإيمان : هو زيادة انشراح الصدر وطمأنينة القلب وانثلاج الخاطر عند تلاوة الآيات . وقيل المراد بزيادة الإيمان : زيادة العمل ؛ لأن الإيمان شيء واحد لا يزيد ولا ينقص ، والآيات المتكاثرة والأحاديث المتواترة ترد ذلك وتدفعه . { وعلى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } لا على غيره . والتوكل على الله : تفويض الأمر إليه في جميع الأمور .

/خ4