{ إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } أي فزعت لذكره استعظاماً لجلاله وحذراً من أليم عقابه . وقد يطمئن القلب بعد ذلك إذا تذكر كمال رأفته وجزيل ثوابه كقوله { ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } [ الزمر : 23 ] وقيل : هو الرجل يريد أن يظلم أو يهم لمعصية فيقال له اتق الله فينزع { وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً } قالت العلماء : زيادة الإيمان تكون على ثلاثة أنحاء الأوّل : بقوّة الدليل وبكثرته ، فإن كل دليل مركب لا محالة من مقدمات . ولا شك في أن النفوس مختلفة في الإشراق والإنارة ، والأذهان متفاوته بالذكاء والغباوة ، فكل من كان جزمه بالمقدمات أكثر وأدوم كان علمه بالنتيجة أكمل وأتم ، وكذا من سنح له على المطلوب دليلان كان علمه أتم ممن لا يجد على المطلوب دليل واحد ولذا يورد العلماء دلائل متعددة على مدلول واحد ولله در القائل : وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد . الثاني : بتعدد التصديق وتجدده ؛ فمن المعلوم أن من صدق إنساناً في شيئين كان تصديقه أزيد من تصديق من صدقه في شيء واحد ، فمعنى الآية أنهم كلما سمعوا آية متجددة أتوا بإقرار جديد . الثالث : أن يقال : الإيمان عبارة عن مجموع الاعتقاد والإقرار والعمل كما ينبئ عنه ظاهر الآية لأنه لما ذكر الأمور الخمسة قال { أولئك هم المؤمنون } فدل ذلك على أن كل تلك الخصال داخلة في مسمى الإيمان ويؤيده ما رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان » وإذا كان الإيمان عبارة عن مجموع الأركان الثلاثة فبسبب التفاوت في العمل يظهر التفاوت في الإيمان ، وإن لم يكن التفاوت في الإقرار والاعتقاد متصوراً . أما قوله { وعلى ربهم يتوكلون } فيفيد الحصر أي لا يتوكلون إلا على ربهم وهذه الصفات مرتبة على أحسن جهات الترتيب ؛ فأولى الفزع من عقاب الله ، والثانية الانقياد لتكاليفه ، والثالثة الانقطاع بالكلية عما سواه . ثم لما فرغ من أعمال القلوب وهي الخشية والتسليم والتوكل شرع في وصفهم بأعمال الجوارح وذكر منها رأسها وسنامها وهما الصلاة والصدقة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.