الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ} (2)

قوله تعالى : { وَجِلَتْ } : يُقال : وَجِلَ بالكسر في الماضي يَوْجَلُ بالفتح ، وفيه لُغَيَّةٌ أخرى ، قرئ بها في الشاذ : وَجَلَتْ بفتح الجيم في الماضي وكَسْرِها في المضارع فَتَنْحَذِف الواو كوَعَد يَعِدُ . ويُقال في المشهورة : وَجِل يَوْجَل . ومنهم مَنْ يقول : ياجَلُ بقلب الواو ألفاً ، وهو شاذٌّ لأنه قَلْبُ حرفِ العلة بأحد السببين : وهو انفتاحُ ما قبلَ حرفِ العلة دون تحركه وهو نظير " طائي " في النسب إلى طيِّئ . ومنهم من يقول : يِيْجَلُ بكسر حرف المضارعة فتنقلبُ الواوُ ياءً لسكونها وانكسار ما قبلها . وقد تقدَّم في أول هذا الموضوع أنَّ من العرب مَنْ يكسِرُ حرف المضارعة بشروطٍ منها : أن لا يكونَ حرفُ المضارعة ياءً إلا في هذه اللفظة وفي أَبَى يِئْبَى . ومنهم مَنْ ركَّب من هاتين اللغتين لغةً أخرى وهي فتحُ الياء وقلبُ الواو ياءً فقال : يَيْجَلُ ، فأخذ قلبَ الواو ممَّن كسرَ حرفَ المضارعة ، وأخذ فتحَ الياءِ مِنْ لغة الجمهور .

وقوله : { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } قال ابن عطية : " وجوابُ الشرط المتقدم في قوله : " وأطيعوا " ، هذا مذهب سيبويه ، ومذهب المبرد أن الجواب محذوف متأخر ، ومذهبه في هذا ألاَّ يتقدَّمَ الجوابُ على الشرط " . قلت : وهذا الذي ذكره أبو [ محمد ] نقل الناسُ خلافَه ، نقلوا ذلك أعني جوازَ تقديمِ جوابِ الشرط عليه عن الكوفيين وأبي زيد وأبي العباس ، فالله أعلم أيُّهما أثبت . ويجوز أن يكون للمبرد قولان وكذا لسيبويه ، فنقل كلُّ فريق عن كلٍ منهما أحد القولين .