الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ} (2)

واللام في قوله : { إِنَّمَا المؤمنون } إشارة إليهم . أي إنما الكاملو الإيمان من صفتهم كيت وكيت والدليل عليه قوله : { أُوْلئِكَ هُمُ المؤمنون حَقّاً } . { وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } فزعت . وعن أمّ الدرداء : الوجل في القلب كاحتراق السعفة ، أما تجد له قشعريرة ؟ قال : بلى ، قالت : فادع الله فإنّ الدعاء يذهبه . يعني فزعت لذكره استعظاماً له ، وتهيباً من جلاله وعزّة سلطانه وبطشه بالعصاة وعقابه ، وهذا الذكر خلاف الذكر في قوله : { ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ الله } [ الزمر : 23 ] لأن ذلك ذكر رحمته ورأفته وثوابه . وقيل : هو الرجل يريد أن يظلم أو يهم بمعصية فيقال له : اتق الله فينزع . وقرئ «وجلت » ، بالفتح ، وهي لغة نحو «وبق » في «وبق » ، وفي قراءة عبد الله : «فَرِقَتْ » { زَادَتْهُمْ إيمانا } ازدادوا بها يقيناً وطمأنينة في نفس . لأن تظاهر الأدلة أقوى للمدلول عليه وأثبت لقدمه ، وقد حمل على زيادة العمل . وعن أبي هريرة رضي الله عنه : ( عن النبي صلى الله عليه وسلم ) : " الإيمان سبع وسبعون شعبة ، أعلاها : شهادة أن لا إله إلا الله . وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان " وعن عمر بن العزيز رضي الله عنه : إن للإيمان سنناً وفرائض وشرائع ، فمن استكملها استكمل الإيمان ، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان { وعلى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } ولا يفوّضون أمورهم إلى غير ربهم ، لا يخشون ولا يرجون إلا إياه .