محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ} (2)

ثم بين تعالى من أريد بال { مؤمنين } بذكر أوصافهم الجليلة ، المستتبعة لما ذكر من الخصال الثلاث ، ترغيبا لهم في الامتثال بالأوامر المذكورة فقال سبحانه :

2 { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم ءاياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون } .

{ إنما المؤمنون } أي الكاملون المخلصون فيه { الذين إذا ذكر الله } أي حقه أو وعيده { وجلت قلوبهم } أي فزعت لذكره ، واقشعرت إشفاقا ألا تكون قامت بحقه ، وتهيبا من جلاله وعزة سلطانه ، وبطشه بالعصاة وعقابه .

قال الجُشمي : ومتى قيل : لٍمَ جاز وصفهم هاهنا بالوجل والطمأنينة في قوله : { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله } {[4305]} فجوابنا فيه وجوه :

منها : أنه تطمئن قلوبهم عند ذكر نعمه ، وتوجل لخوف عقابه بارتكاب معاصيه .

ومنها : أن قلوبهم تطمئن لمعرفة توحيده ، ووعده ، ووعيده ، فعند ذلك توجل لأوامره ونواهيه ، خوف التقصير في الواجبات والإقدام على المعاصي والمستقبل يتغير حاله . انتهى .

{ وإذا تليت عليهم آياته } أي حججه وهي القرآن { زادتهم إيمانا } أي يقينا وطمأنينة نفس ، إلى ما عندهم ، فإن تظاهر الأدلة أقوى للمدلول عليه ، وأثبت لقدمه .

/ وقد استدل البخاري وغيره من الأئمة بهذه الآية وأشباهها ، على زيادة الإيمان وتفاضله في القلوب ، كما هو مذهب جمهور الأمة ، بل قد حكى الإجماع عليه غيرُ واحد ، كالشافعي وأحمد بن حنبل وأبي عبيد { وعلى ربهم يتوكلون } أي لا يرجون سواه ، ولا يخشون غيره ، ولا يفوضون أمورهم إلى غيره .


[4305]:13 الرعد / 28